الإثنين 21 أبريل 2025 01:22 صـ 23 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

غليون: لا حل للأزمة في سوريا والعراق واليمن ولبنان إلا بتسوية مع إيران

الخميس 30 أكتوبر 2014 06:47 مـ 7 محرّم 1436 هـ
برهان غليون
برهان غليون

أقر الدكتور برهان غليون، رئيس المجلس الوطني السوري السابق، وأستاذ علم الاجتماع السياسي، ومدير مركز دراسات الشرق المعاصر، في حوار مع « اليوم24»، على هامش مؤتمر«من ثورات الشعوب إلى ساحة للتنافس الإقليمي والدولي»، الذي نظمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات قبل أيام في الدوحة , بأن أهم المشاكل التي تعيق اكتمال أهداف الثورة السورية ترجع بالأساس إلى الدعم الإيراني والروسي المطلق لنظام بشار الأسد، مقابل تراجع الدعم العربي والدولي للمعارضة السورية.

حاورته من الدوحة مريان زريرة

‭{‬ إلى أين وصلت الثورة السورية؟


‭{‬ في الآونة الأخيرة، كان هناك حديث قوي عن المنطقة العازلة التي طالبت تركيا بإحداثها في سوريا من أجل تسهيل عملية التصدي لـ«داعش». هل -فعلا- ما يشاع من أن تركيا تريد محاصرة وضرب نظام الأسد عبر هذه المنطقة صحيح أم مجرد إشاعات؟


هذه المنطقة حساسة جدا بالنسبة لهم، ويعملون على مراقبتها حتى لا تكون، في غياب إشرافهم، بؤرة لتدريب وتسليح وتنظيم حزب معارض يمكن أن يستعيد إرادة وقدرة القتال في تركيا، بينما هم يتقدمون، اليوم، نحو حوار وتسوية سياسية للأزمة الكردية، أكبر مصلحة بوجود منطقة عازلة تخص الأمن القومي التركي المباشر، وهم يعتبرونها حربا على الإرهاب، ويعتبرون الذراع العسكري لحزب «بي كا كا» منظمة إرهابية. المصلحة الثانية لتركيا هي خلق منطقة يستطيع السوريون فيها، وخصوصا اللاجئون الذين دخلوا إلى تركيا، وأصبح عددهم كبيرا، ويتحولون يوما بعد يوم إلى عبء كبير على حكومة أردوغان. في حال وجود المنطقة العازلة تستطيع تركيا أن تفتح لهؤلاء اللاجئين مخيمات أو تنقل جزءا منهم إليها، وستحد أيضا من أعداد اللاجئين الجدد الوافدين إليها، وتجد لهم مكانا آمنا في سوريا نفسها. وفي هذه الحالة لن تتكفل بهم، بل ستفعل ذلك منظمات الإغاثة الدولية، والأمر الآخر الإيجابي في مقترح المنطقة العازلة هو أنه يخدم مصلحة الثوار، فبوجود مثل هذه المنطقة العازلة يمكن للمعارضة المسلحة أن تنظم نفسها، وتكون لديها منطقة آمنة ليست معرضة فيها للقتل، حتى تدرب أفرادها وتخلق إدارة محلية حقيقية تستطيع أن تؤمن فيها مساعدات للشعب السوري، وتكون لديها حرية التحرك بأرضها دون عقبات قانونية وسياسية، ودون أن تكون منفية في بلد آخر. هذه كلها مصالح مشتركة، ونحن نؤيد وجود مثل هذه المنطقة، وهي بمثابة حل لدول كثيرة. وأعتقد أنها ستتحقق بعد فترة قصيرة. ولحد الآن، الأمريكيون يعارضون وجودها.

‭{‬ لماذا يرفض الأمريكيون خلق مثل هذه المنطقة، هل هذا الرفض سببه مساومة تركيا في ملفات أخرى أم أنهم ضد الفكرة لحسابات مرتبطة بالوضع الإقليمي ؟


ثاني شيء، هو ضرورة توقف النظام عن توريد اللاجئين، المفروض قبل التفكير في خلق المنطقة العازلة أن يتم الضغط على النظام؛ حتى لا يدفع مئات الآلاف من اللاجئين، كل يوم، إلى الهرب نحو الحدود، هربا من القصف العشوائي.

‭{‬ أين وصل موضوع الدعم الأمريكي؟ كانت هناك وعود بتسليح وتدريب المعارضة وتقديم مساعدات مادية للثوار وأسلحة أكثر تطورا، هل تحققت هذه الوعود؟


‭{‬ ما هو نوع السلاح الذي تنوي أمريكا تقديمه للمعارضة. أقصد هل هو سلاح خفيف أم سلاح نوعي؟ ثانيا، ما هي وظيفة هؤلاء، هل هي محاربة «داعش» فقط، أم سيكون ذلك جزءا من التدريب، على الأقل لدعم الجبهات السورية ضد النظام؟


‭{‬ منذ بضعة شهور كان هناك ضغط غربي قوي على السعودية وقطر ودول خليجية أخرى تمول وتدعم المعارضة السورية، بحكم الشائعات التي انتشرت، تفيد بأن هذا الدعم يصل إلى الجماعات الإرهابية، وليس إلى الثوار السوريين.

ما مدى أثر هذا الضغط على تمويل المعارضة السورية؟


‭{‬ في رأيك ! بروز «داعش» على السطح بهذه القوة والإمكانيات، هل يمكن أن يفسر بأنها جماعات قتالية مدربة حصلت على الأسلحة في أرض المعركة بمعرفتها الخاصة، وليست ممولة من جهة ثانية، ومن دول وأنظمة استخباراتية لها مصلحة في وجودها ؟


‭{‬ مع كل التجاذبات التي عرفها المجتمع السوري وتشتت الثورة بين جماعات إسلامية وقتالية متعددة ومتباينة التوجهات والأهداف، هل مازال المجتمع السوري قادرا على التمييز بين الجماعة الأفضل والأقرب إلى الاعتدال وتحقيق أهداف الثورة أم أنه يضع كل الجماعات في سلة واحدة ؟


في سوريا الناس تميز بين إسلاميين يعلنون أن هدفهم هو تكوين دولة إسلامية وليس دولة ديمقراطية، وليس هدفهم الأول نصرة الشعب وتحقيق أهداف الثورة؛ المتمثلة في الحرية والكرامة..، وبين الإسلاميين الذين يعتبرون أنفسهم جزءا من ثورة كبرى من أجل الحرية والكرامة، ويقصدون بها الشورى في بعض الأحيان، وبين أشخاص ومجموعات مثل «داعش» التي تقول إن الديمقراطية كفر، وهذا المشروع لا طائل منه، وهدفها هو إقامة دولة الخلافة. ما لا يعرفه الكثيرون هو أن قوات «داعش» حين دخلت إلى الرقة ومدن سورية أخرى أثارت تمردا كبيرا ضدها في كل المدن التي حكمتها بسبب العنف والوحشية والتفسير اللاإسلامي للإسلام. كل صور القرآن تبدأ بـ «بسم الله الرحمن الرحيم»، وتحض على الرحمة، لكن تنظيم «داعش» لا يعرف معنى الرحمة. أؤكد مرة أخرى أن السوريين رغم ما عانوه من تصرفات المتطرفين يميزون بين «داعش» و«النصرة»، لأن مقاتلي النصرة أعلنوا أكثر من مرة أنهم جاؤوا لنصرة الشعب السوري، وليس لمصادرة قراره، والشعب السوري هو من سيقرر بعد سقوط الأسد، وهم سيقبلون قرار الشعب. طبعا، هم يؤمنون بالدولة الإسلامية كنموذج للحكم، لكنهم وعدوا بأنهم لن يخالفوا اختيار الشعب، ولن يلتفوا على إرادته. لهذا تعتبر باقي الكتائب جبهة «النصرة» جماعة معتدلة، وتتعامل وتتعاون معها.

‭{‬ راج الحديث –مؤخرا- أن هناك صفقة سرية بين إيران والولايات المتحدة حول رحيل الأسد مباشرة بعد الاتفاق حول النووي، هل تعتقدون بوجود مثل هذه الصفقة ؟


لابد كذلك أن ننتظر حتى يحقق الجيش الحر عدة مكاسب، ويصل إلى جبهة الجنوب قريبا من دمشق، حتى تشعر جماعة الأسد من الداخل أن النصر النهائي الموعودة به من قبل الأسد أصبح مستحيلا، وقد بدؤوا يشعرون بذلك. اليوم، ولو جاءت إيران بكل حرسها الثوري لم تعد هناك إمكانية لحسم الوضع، قد يتحول النظام السوري أكثر فأكثر إلى ميليشيا مثل إحدى المليشيات الكبرى المدعمة من إيران، لكن لم يعد له أي طابع تمثيل وطني أو سياسي. الأسد انتهى..، ووجوده يعبر عن استمرارية الحرب، وإيران هي التي تدير المعركة، وهذه الحرب تحولت إلى مأساة ليس لها حل. لكن نقاط الضوء والأمل بالنسبة للسوريين هي أن الجيش الحر يتقدم في كثير من المناطق، واسترجع كثيرا من المناطق التي سيطر عليها حزب الله و»عصائب الحق» الإيرانية. الجيش الحر يحتاج إلى دعم كبير، وإذا لم يكن هناك ضغط من قبل الجيش على النظام في الداخل، وضغط عربي على إيران بتوحد العرب وتفاهمهم على الموقف من سوريا والعراق، وفي نفس الوقت تغير النظرة الأميركية إلى الوضع، وعدم تجاهل الأزمة السورية والشعب السوري والتفكير فقط بالعراق..، إذا لم تجتمع هذه الشروط، فإن الحرب ستطول.

‭{‬ الكثيرون يحملون المسؤولية، في تعثر الثورة على كل المستويات، لقادة المعارضة السورية الذين اتهموا في كثير من الأحيان بالانتهازية والعمالة لبعض دول الخليج، وبالبحث عن أدوار ومكاسب سياسية آنية، هل هذه الاتهامات صحيحة ؟


هذه نقطة جوهرية، وليس هناك شك في أن المسؤولية الكبيرة تقع على المعارضين للنظام الذين لم يعرفوا، بعد أربع سنوات من المعاناة والعذابات وحرب مدمرة كادت تقضي على البلد، أن يتجاوزوا حساسياتهم وخلافاتهم ومصالحهم، وأن يفكروا في القضية السورية فقط، وأنهم موجودون بالمعارضة لخدمة القضية وليس لخدمة مصالحهم الشخصية أو الكتل والأحزاب التي ينتمون إليها. المفروض أن تتجاوز المعارضة، اليوم، الانتماء الحزبي والمصالح الخاصة، وألا تفكر إلا في مصالح الشعب السوري. للأسف الشديد! أنا أقول بأن هذه النخبة يجب أن تقود عملا وطنيا من هذا النوع، وتستثمر تضحيات شعب لا مثيل لها؛ تضحيات عظيمة بكل معنى، هي أن الكلمة لشعب رمى نفسه في النار لتحرير وطنه. هذه النخبة كانت أقل بكثير من المسؤولية، ومازالت أقل من المسؤولية، ومازالت تدور في حلقة مفرغة.

كل هذه الأمور هي نتاج 50 سنة من العقم السياسي، وهي من قتل ثقة الأفراد ببعضهم البعض من قبل النظام؛ لأنه نظام خلق التفاوتات وكرس ثقافة الريع، هؤلاء تشربوا ثقافة النظام وثقافة الارتزاق. الشعب حين ثار على النظام ودخل المعركة، تخلص من هذه الثقافة، وحرر نفسه بالموت وبحب القتال والتضحية، بينما عناصر النخبة، التي صعدت إبان الثورة، لم تدخل إلى غرفة التطهير -إن جاز التعبير- لأنها لم تدخل إلى الثورة حقيقة، ثم إن مرور أربع سنوات من الثورة خلقت تجارا للحرب والثورة حتى داخل صفوف الثوار. كثيرون لا علاقة لهم بالثورة ولا بقيمها ولا بأفكارها، لاحظوا أن الحرب هي تجارة مربحة، فكونوا كتائب من عشرة أشخاص أحيانا، ومن 100 شخص أحيانا أخرى، وسموها كتائب حتى يتاجروا بها، وهؤلاء أصبحوا عالة على الثورة السورية، وعنصرا مساهما في تمزيق المعارضة المسلحة