الجاسوسية الجديدة
الحقيقة المؤكدة في أمر الفيسبوك أنك لست وحدك في حسابك مع أصدقائك فقط أو الدائرة المحدودة التي تتصور أنها هي فقط التي تطلع على ما تنشره في حسابك. فالفيسبوك يعتبر مصدرًا مهمًا يجعل أي جهاز مخابرات يسعى وراءه؛ فهو يتيح إمكانية الوصول إلى ملايين الأسماء والعناوين والأصدقاء ودوائر المعارف والوظائف والأنشطة والحسابات البنكية وبطاقات الائتمان.. والاهتمامات الشخصية ثم والأهم تحليل البيانات وتركيب سودوكو حياتك قطعة ثم قطعة فالسوشيال ميديا غيرت ملامح المخابرات والجاسوسية كما أن هذه الوسائل ساعدت في جمع معلومات وبيانات أكبر وأكثر دقة وتفصيلاً.
تعد الاستخبارات " مفتوحة المصدر " أهم طريقة مخابراتية تختص بتحليل بيانات التواصل الاجتماعي فهي منخفضة المخاطر وفعالة ورخيصة للغاية ليست لدوائر المخابرات العالمية فقط بل للمخابرات المحلية،فلكي تقوم بعمل جاسوسي عن شخص ما أول خطوة هي الجمع، جمع بيانات الشخص ومعارفه وإهتماماته ودوائر تواصلاته وعلاقاته،هذه الجاسوسية التقليدية، وهنا يحضر الترند الشهير يوم أمس حول اليمن بتشكيل الحكومة فالذكاء الاصطناعي يتيح لك بمزحة،مثل مزحة أمس،نشر المزاج الخاص والسري لكل فرد بضحكة وخطورتها لا تكمن بإتاحة المعلومات بل بربط الصلة بين إهتماماتك.
الأشخاص الذين يظهرون لك خلف ( @ ) هم بالتأكيد أقرب الناس اليك،وأكثرهم تواصلاً بك،وكذلك عبر تحليل البيانات يتم استحضار كل شخصية من مقربيك بإهتماماته،بطريقة تحليل بياناته الكاملة من منشوراته الى محادثاته وكل شخصيته عبر الفيسبوك،فهذا وزير طاقة وذاك وزير ثقافة ووزير مخابرات،وناهيك عن التفاصيل العفوية التي تمس خصوصية الأفراد،وتكشف ما تضمره،دون أن تدرك، وتتيح لكل طالب معلومة كل شيء عنك،فأنا جربت اللعبة،فصدمتني الإقتراحات.
نحن في عمق العين الخفية، ومع ذلك مثل تلك الترندات المتداولة بأحايين كثيرة ثغرة لفتح مساراتك للعامة، وسلوكياتك، بل وتواصلاتك ومحيطك،محيطك الذي لا يعرفه أحد، يصبح مشاعاً للجواسيس المحليين، ونحن في معركة، وكل معركة لها جاسوسيتها، وألية مراقبة.
