المشهد اليمني
الجمعة 5 يوليو 2024 01:35 صـ 28 ذو الحجة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
”هل أصبح التعليم في صنعاء رفاهية؟ ارتفاع جنوني لرسوم المدارس الخاصة” السعودية تدعو لنشر قوة دولية في غزة بقرار أممي لدعم السلطة الفلسطينية قيادة دفاع شبوة ترسل وسطاء قبليين لأسرة طبيب قتلته وتعرض التحكيم القبلي مأساة في مخيم للنازحين بحجة: طفل يلقى حتفه ووالداه في حالة حرجة إثر حريق منزل العثور على ثلاثة قبور لجثث مدفونة بمنطقة خالية في عدن ومصادر تفجر مفاجأة بشأن مصير المقدم الجعدني ”الحوثي رضخ مجبراً واستجاب للضغوطات”... الوية العمالقة تكشف عن تطورات مشاورات مسقط ”خلل داخلي وزيارات متكررة: صحفي يشن هجوما على مسؤول حكومي يزور صنعاء دائما” ردود مصرية غاضبة على دعوة وزير إسرائيلي لاحتلال سيناء: سنتجه لدعم المقاومة ”دونها ستظل العبودية مستمرة”...نائب مقرب من الحوثيين يتحدث عن صرف المرتبات قصة مرعبة تُثير القلق: فتاة تُفضح زواجها من ”وحش” يُطلقها حاملًا ومحامي يطالب بحمايتها! نادي سيئون يعلن تعليق الأنشطة الرياضية ويُغلق بواباته دعماً لوقفة احتجاجية الكشف عن الثمن الذي قبضه الوفد الحوثي في مفاوضات مسقط للإفراج عن طائرات اليمنية المحتجزة والشرعية توافق

العَفَن الذي أسقط السفينة ولم يغرقها...

د.ياسين سعيد نعمان
د.ياسين سعيد نعمان

٢٦ سبتمبر كانت السفينة التي حملت اليمنيين وأبحرت بهم من المياه الضحلة الى المدى الذي أخذت معه مياه البحر تأخذ لون السماء .
تخبط اليمنيون في جوف السفينة بحثاً عن طريق يوصلهم بالمجرى العام الذي انتظم فيه إنسان العصر ؛ اختلفوا واتفقوا واختلفوا .. اجتهدوا قدر ما استطاعوا ..
أحياناً كثيرة جاء من يكسر الاجتهاد ، أو التوافق ، ويفرض خياراته السياسية والعسكرية ، ومع ذلك استوت السفينة على الجودي ، وسارت نحو هدفها ببطء أحياناً وهرولة أحياناً أخرى .
شهدت حروباً ، وانقلابات ، وهبات وانتفاضات ، واحتفظت بهيكلها وجداراتها التي حمتها من الانهيارات مؤكدة أصالتها وعمق تجذرها وسط الناس والمجتمع . أما مكنتها فقد ازدحمت بأعطال كثيرة بسبب القيادة الغلط .
وفي حين أخذ ربابنتها المتعاقبون علي قمرة قيادتها يبتعدون بها عن المسار الذي يؤمّن التحاقها بمجرى العصر ، أخذ أعداؤها القدامى ينتشرون في مفاصلها كدود تنمو داخل الجروح التي تخلفها النزاعات والصراعات والحروب ، وتتغذى من قيح هذه الجراحات ، وأخذت تنخرها من داخلها ، وتعطل حركتها وتنشر العفن الذي تحمله معها من داخل تلك الجراح إلى الأمكنة التي تستقر فيها . وساعدها على ذلك أن التسلط الذي عطل مكنة السفينة هيأ لها مناخات الانتشار بإنتاج المزيد من الجراح التي استمرت تتوالد فيها وتستقطب معه عفن ذلك التسلط الذي جعل إسقاط السفينة بيدها مهمة ذلك العفن ، بكل تلاوينه وتفاعيله ، قبل أي شيء آخر . أسقط العفن السفينة ، لكنه لم يستطع أن يغرقها ، ذلك لأنها غدت محمولة بأفئدة وأحلام ملايين اليمنيين.
والمفارقة أن هذه الكائنات لا زالت تعيش على جراحات اليمنيين قديمها وجديدها ، وتتغذى من صديدها ، وتجد في الزبد الذي يتخلف من تهويمات بقايا ذلك العفن ، عند الحديث عن سقوط السفينة ، ملاذاً للتخفي داخل أردية من الزيف والنفاق والمغالطات التي توظفها هذه الكائنات وتقدم به نفسها للناس على غير حقيقتها .
والحال هو أنه لا حل أمام اليمنيين سوى إغلاق هذه الجراح ، والتوقف عن الرغي الذي يصدر عمن قرروا تلغيم هذا السقوط بالأراجيف لتبرئة العفن الذي ينتمون إليه .
ولتحقيق ذلك لا بد أن يتغير سلوك ركاب هذه السفينة العظيمة حتى تستعيد روحها وتواصل رسالتها على نحو تستفيد معه من كل أخطاء وإخفاقات الماضي .
ما نشاهده اليوم من استعراض القوة في صنعاء إنما هو غطاء لئيم لحالة البؤس والجوع واليأس الذي وصل إليه الشعب ، إنه أشبه بالرقص الخائب فوق آلام الناس ، لا يربطه بالمجتمع أي رابط ، لم يتردد معه القوامون على الحدث من إبراز موكب العائلة كشاهد على خيبة السقوط ، وهو يلخص المشهد الذي صار إليه الحال بين من ينزف ومن يتغذى من ذلك النزيف .