حكايتي مع اللواء عبود في جامعة عدن

في شهر اكتوبر من العام 2010م كنت في زيارة لمدينة عدن . وتم ابلاغي ان هناك ندوة بمناسبة ثورة 14 اكتوبر ستقيمها جامعة عدن بعنوان (واحدية الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر ) على هامش معرض للكتاب اقيم في الجامعة وطُلب مني المشاركة فيها وفي الموعد المحدد دخلنا الى القاعة وكانت ممتلئة بالحضور . كان الى جانبي الدكتور صالح الصوفي رحمه الله وهو من ابناء محافظة ابين والدكتور فارس السقاف وآخرين . وقد ادلى كل واحد منهم بدلوه وعندما جاء الدور علي تطرقت الى وضع اليمن قبل ثورتي سبتمبر واكتوبر وكيف التف ابناء اليمن حول الثورتين وامتزجت دمائهم في الجبهات . وكيف هب ابناء الجنوب للدفاع عن ثورة سبتمبر وكان اول فوج يصل منهم الى صنعاء بقيادة الشهيد لبوزة وتحدثت عن تضحياتهم في حصار السبعين يوم مع ضرب الأمثلة في ذلك ثم تطرقت في حديثي الى دور ثورة سبتمبر في دعم ثورة 14 اكتوبر بالمال والرجال وكيف احتضنت صنعاء قادة الثورة من ابناء الجنوب وعقدوا اول مؤتمر لهم في صنعاء ، وكيف كانت تعز والبيضاء وقعطبة وحريب مناطق انطلاق ودعم لثوار اكتوبر ، ثم تحدثت عن بعض شهداء ثورة اكتوبر .. وبعد الإنتهاء تم فتح باب النقاش فقام احدهم وكان يبدو في الخمسينات من عمره.
وقال : مع احترامي للدكتور البعداني الا انه عنصري ومناطقي في طرحه ! كان واضحاً انه قاصدني انا بالذات ، فقلت له : عيب هذا الكلام انا تحدثت عن لبوزة ومدرم و ثابت اليافعي وغيرهم . فقال لقد تجاهلت الأسطورة ( اللواء عبود ) الذي دوخ الانجليز ويعد احد ابطال الإستقلال ! فقلت له ومن ينسى البطل عبود الذي دوخ الانجليز كما ذكرت في العديد من المعارك طوال خمس سنوات وقد تم القبض عليه ومكث في الاعتقال اشهر وتعرض لانواع العذاب ، حتى تم تكليفه من قبل قيادة الجبهة القومية مع مجموعة معه بضرورة منع احتفال قوات الاحتلال بالذكرى الخامسة لتأسيس اتحاد الجنوب العربي الذي أسسته بريطانيا . وفعلا قام مع مجموعته بتلغيم مكان الحفل الذي كان من المقرر ان يقام الاحتفال في مدينة ( الاتحاد ) وقد تم تحويل اسمها بعد الاستقلال الى مدينة ( الشعب ) كان من المقرر حضور الحاكم البريطاني مع العديد من السلاطين ورجال حكومة الاتحاد . تم منع الاحتفال بعد ان تم منع هبوط طائرة الحاكم البريطاني واشتعلت الارض نار بقيادة اللواء عبود الذي استشهد في نفس ذلك اليوم 11فبراير 1967م وهو عام الاستقلال وقد خرجت عدن عن بكرة أبيها في جنازة عبود وقد انزله سالم ربيع علي بنفسه الى القبر وعينه تذرف بالدمع وقال : يحق لعدن اليوم ان تبكيك يا عبود … وبعد ان انهيت كلامي خاطبت الرجل الذي اتهمني بالمناطقية والعنصرية وقلت له : هااا طابت نفسك ؟ فضحك وقال ايوه ايوه ولو لم اذكرك انا به ما ذكرته . فقلت له باقي حاجة واحده لازم تعرفها وهي ان الشهيد عبود رحمه الله من منطقة شرعب الرونة بمحافظة تعز واسمه مهيوب علي غالب الشرعبي . قدم الى عدن نهاية الخمسينات ومع بدء الكفاح المسلح التحق بعناصر الجبهة القومية واصبح اسمه الحركي ( عبود ) . فلما سمع مني الرجل هذا الكلام هب واقفاً من مكانه ووضع يده على راسه وقال بصوت مرتفع : حتى عبود طلع دحباشي ؟؟ فضج الجميع بالضحك .. رحم الله اللواء عبود ورحم الله كل شهداء الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر .