المشهد اليمني
الثلاثاء 2 يوليو 2024 02:19 صـ 25 ذو الحجة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
ألوية درع الوطن تُصدر تحذير هام وتتوعد ”صوت العدالة مكتوم: صورة القاضي قطران تُظهر وحشية الحوثيين!” حمام دم قادم بصنعاء وانفجار وشيك لصراع الأجنحة بجماعة الحوثي.. ومصدر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة صدمة في صنعاء: اغتصاب طفلة في التاسعة من عمرها على يد مواطن ثلاثيني يثير غضب الأهالي الكشف عن فندق ضخم في البصرة مملوك لقيادي حوثي كبير يثير غضبا شعبيا ” المواطن اليمني هو ”الجدار القصير” لاعباء الحوثيين...نائب في برلمان الحوثيين يشن هجوما على المليشيات ضربة في غاية الدهاء.. عضو ثورية الحوثي: الجماعة وقعت في فخ خبيث وفضيحة مدوية باحتجاز طائرات اليمنية النهاية للحوثيين... الكشف عن الخطوة الحاسمة للحكومة الشرعية ضد مليشيا الحوثي والتي ستنهي المليشيات بعد الهجوم على شبوة وتصدي العمالقة...هجوم حوثي كبير على محافظة جنوبية وقوات الجيش تتصدى اتحاد كأس الخليج يطلب من أهلي صنعاء تحديد ملعبه لمباريات دوري أبطال الخليج ”ليست الإمارات ولا السعودية”: تهريب الأسماك من عدن الى دولة خليجية يُهدد الأمن الغذائي ويُفقر أجيال قادمة ما حقيقة توجيه الرئيس العليمي للبنك بالتراجع عن قراراته الأخيرة وعلاقة السعودية بذلك؟.. مصادر حكومية تحسم الجدل

الحرب المسكوت عنها في اليمن

مشهد لا يفارق مخيلتى بكل حزنه، ويغرقنى فى حالة قهر لا توصف، ذاك هو مشهد تدافع مئات الأشخاص فى صنعاء آخر أيام رمضان المنصرم، ومقتل أكثر من ثمانين منهم دهسا.

تظهر صورة الفيديو التدافع وهلع الناس من صوت رصاص طائش لميليشيا منفلتة تريد أن تمنع عنهم بعض الصدقات التى يوزعها أحد التجار، كانت أصوات الاستغاثة تقطع نياط القلب، ليستقبل الناس عيد الفطر بعشرات الجنائز وسيل من الدموع بدلا من فرحة يتم اغتيالها كل يوم فى يمن الحكمة!. فليست تلك صنعاء التى نحبها! أى اختطاف جرى لمدينة سام والوطن السعيد ؟! ذاك سؤال القهر يبقى فى صفحة الوجع إلى حين! .اتابع ما قيل إنها إجراءات للتحقيق فى الفاجعة فلا أجد إلا تكرار فواجع.

الأسابيع الماضية شكا تجار صنعاء من قمع السلطات ومصادرة الأموال وفرض الإتاوات غير المنطقية، وأمس تم إكمال المشهد فى اقتحام اتحاد الغرف التجارية والصناعية بصنعاء وتعيين مشرفين للميليشيات ممثلين عن القطاع الخاص.

الأمر فى حقيقته أعمق من مجرد انفلات طائشين يريدون سرقة تاجر هنا أو الاستيلاء على الزكاة وصدقات الفقراء، إنه منهج تجريف متعمد للبلد برمته، فالقضية الاقتصادية هى حرب اليمن المسكوت عنها للأسف. ومؤخراً تعطل إنتاج النفط وهو أمر حاسم للاقتصاد بشدة، وقوض قدرة الحكومة على دعم البلد من خلال توفير الخدمات الأساسية، وأثر حتما على الوظائف العامة، حيث صار الوضع يهدد بعدم حصول الموظفين على رواتبهم بشكل منتظم.

لكن المسألة الاقتصادية أسوأ من مجرد أزمة معونات ودعم بقليل من الطحين، وتأخر فى دفع الرواتب، هى كارثة أعمق حيث الجبهة الاقتصادية أكثر فتكا بالناس.

وقد عمد الحوثى فى وقت مبكر إلى تجريف كل الأموال الخاصة بالشعب منذ ما كنا نطلق عليها فترة الهدنة الاقتصادية فى ٢٠١٥. حيث تمت مصادرة كل الاحتياط النقدى لليمن من العملة الصعبة وتبخرت خمسة مليارات دولار على الأقل من البنك المركزى اليمنى الواقع تحت سيطرة الحوثى آنذاك فى صنعاء، كما سيطر ونهب كل مدخرات واحتياط الصناديق السيادية المختلفة، وعندما تم نقل البنك إلى عدن كان ما تبقى هو أشلاء نظام مالى وكشف بالديون.

وعمد الحوثى على خلق نظام منفصل فى السيطرة على الإيرادات ومضاعفة الضرائب وتضارب الجمارك، كما عمد على خلق عملة نقدية خاصة هى الأوراق القديمة التالفة وعدم اعترافه بالعملة الوطنية المطبوعة، وبالتالى خلْق واقع مزدوج للعملة الوطنية وسعر صرف آخر للعملة الصعبة، وصار هناك انفصال جاد للنظام المالي.

الكارثة الأكبر اختتمت محطتها بإصدار الحوثى قانونا سماه منع التعاملات الربوية للبنوك التجارية العاملة فى صنعاء، وهو ببساطة نظام بنكى مستقل يتبع الجماعة ومشرفيها، ولا علاقة له بالدين والفضيلة ليكمل عملية فصل النظام المصرفي، وبموجب هذا الإجراء تمت مصادرة كل ودائع الناس وبدأت إجراءات جديدة لوضع اقتصادى منعزل، عمليا حتى يوفر الغطاء القانونى لكل الأموال المنهوبة وغير النظيفة، ليعيد تنظيفها بالنظام الجديد ويصبح غسيل أموال الحرب والتجارة غير المشروعة واقعا يصعب تجاوزه أو متابعته خلال الأيام القادمة.

الأمر يحتاج إلى وقفة يمنية جامعة وليس مجرد استنكار عابر، وإلى تدخل سريع وفورى تبدأ فى جعل عدن كعاصمة مؤقتة بيئة آمنة للبنوك التجارية والمناخ الاقتصادى الآمن فى اليمن.

وسرعة اتخاذ قرارات شجاعة بتوحيد العملة النقدية باليمن عبر خطوات فورية بمنع العملة القديمة التالفة وإكمال اتلافها، وتحمل تبعاتها ونقل إدارات البنوك التجارية الى عدن وحضرموت مثلا وتسوية الديون الداخلية لها التى على الدولة، من اذونات الخزانة، إلى وضع الرؤية الواضحة لإنقاذ العملية الاقتصادية التى تدخل اليمن فى كارثة أشد من أى حروب عسكرية واسعة. فضرب الجبهة الاقتصادية بهذه المنهجية هو أشد مرارة على كل اليمنيين، ويصيب كل فرد فى كل اليمن. حيث تم ضرب المنشآت النفطية من قبل الحوثى وتهديده الشركات ووقفه إيرادات الدولة الشرعية أمام نظر العالم وقوبل ذلك بصمت عجيب، والآن ضرب البنوك والقطاع الخاص فى صنعاء وأمام نظر الجميع أيضا.

إن استمرار هذا الانهيار لا يعنى فشل مؤسسات الدولة ولكنها كارثة ستطول كل الناس، ليس فيها منتصر بمن فيهم تجار الحروب وصانعو الموت، ولا تؤسس لأى أفق للحل السياسي، بل تُعمق كارثة هى أسوأ حروب اليمن المنسية للأسف.

*الأهرام