الأحد 20 أبريل 2025 04:30 مـ 22 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الروائية الجزائرية ”أحلام مستغانمي” تنشر رسالة مبكية من شاب يمني وتعلق عليها بكلمات مؤثرة

الثلاثاء 13 يونيو 2023 07:02 صـ 25 ذو القعدة 1444 هـ
أحلام مستغانمي
أحلام مستغانمي

نشرت الروائية الجزائرية، أحلام مستغانمي، رسالة وصفتها بـ "المؤثرة"، بعثها إليها شاب يمني، بشأن الوضع في اليمن، في ظل الحرب المستمرة منذ تسع سنوات.

وقالت مستغانمي، في منشور على صفحتها بالفيسبوك، رصده "المشهد اليمني"، مساء امس: "من اليمن الغالي على قلوبنا ، المقيم في نشرات أخبارنا ، مُلغ كل فرحة قد نقطفها ، وصلتني هذه الرسالة المؤثرة ، من ابن هذا البيت إبراهيم بن أحمد الجهلاني".

وأضافت: "في الواقع ليست مرسلة لي بل لنا جميعا عبر بريد القلب ، من تلك البلاد التي كانت تسمى " اليمن السعيد " و مازال جرحها يدمينا ".

الرسالة التي كتبها الشاب اليمني، إبراهيم الجهلاني، وهو من أبناء محافظة تعز، المحاصرة من قبل المليشيات الحوثية، منذ قرابة 3 آلاف يوم، حملت عنوان: "أسراب من الحداد ".

يقول فيها: سيدتي أحلام مستغانمي أُلقي عليكِ السلام، ولستُ واثقاً من مصداقيته !
فأنا أكتب لكِ من بين أصوات الرشاشات والمدافع، ومن بين دَوِي الانفجارات والفجائع..
وأقول لكِ مساء الخير ولستُ أعرف ماهيته !
فأنا أكتب لكِ من بلدٍ لا يذكر إلا مُلحقاً بالمآسي والأحزان، أو مرفقاً بالمناديل والأكفان…
وأنا ذلك الطفل يا أحلام..
ذلك الطفل الذي بلغ عمرهُ تسع سنوات من الحرب، وثلاثة آلاف يوم من الحصار، وتسعمائة وخمسون أزمة".

ويضيف: "أكتبُ لكِ يا أحلام من مقبرةٍ امتلأت حتى التخمة
ومن بيتٍ اِنتُزِعَتْ منها البسمة..
أكتبُ لكِ من محافظة تَعِزْ قلب اليمن الذي لم يعد فيهِ نبض..!
أمّا بعد…
ونحن ندرس لغة السلاح يا أحلام، فشلنا ذات أول اختبار للسلام، وصِرنا وحوشا نمتهن القتل تحت سِتار الحرب".

وتابع: "سيدتي أحلام هنا في موسم اليباب والدمار، وعهد الإرهاب والحصار،
المقابر أُتخِمَت؛ خيم العزاء نُصِبَت.
الأمهات ناحت إثر ثكل، الأطفال شاخت إثر يُتم،
والثيبات تأرملت ذات قَصف…
لا سلام هنا، لا طمأنينة، لا جَنْي عِنب، ولا حصاد سوى الأرواح
فصل الثمار اختفى يا أحلام، وشُنِق ربيع الزهور، وحَلَّ موسم الشّوك والألغام ...
كل شيءٍ هنا جريح وممزق بوحشية يا أحلام لكنهُ يعكس حضارة عريقة مندثرة، وتاريخاً مهزوماً خجول،
كل شيءٍ هنا بريء بالفِطرة، وعَذْب بإتقان لكنهُ يعكس ملامح أكثر مدعاة للهَلَع !
بعيداً عن القتل المستمر وبشاعة منظر الدماء وأشلاء الجُثث المبعثرة في الأسواق".

وتابع: "دعيني أذكر لكِ أهون مستحضرات الرعب يا أحلام..
صوت هذيان الرشاشات في أنصاف الليالي، انفجار قذائف تُنير المكان، ارتفاع صراخ الأطفال، اشتداد عويل النسوة، وتزايد ولولة العجائز من حين لآخر.
هذه التفاصيل وحدها إن اجتمعت تُشكل رعباً حقيقياً ومأساة عظيمة …
ناهيكِ عن الموت المتربص بنا في المنازل والشوارع والأزقة، وفضلاً عن المطارات المستهدفة، وحافلات النقل الجماعي العرجاء وسيارات الأجرة المُفَخخة وطُرقنا المزروعة بالألغام..
عهد الحَمَام وَلّى وزمن الفراشات احترق…
عصر البوم أتى وفجر الغربان انبثَق…
وأصبحت حياتنا مرهونة بضغطة زناد
أصبح النعيق يسود في البلاد
فهذا هو زمن تحليقهم يا سيدتي
أسراب من الحداد
أسراب من الغربان الغامضة يكسوهم السواد
زرعوا في جمجمة النهار عتمة… وفي ناصية الصباح غروب..
صنعوا من رخاء القوم أزمة.. ومن غصن الزيتون حروب..
فصرنا فرائس سهلة للموت، وطرائد ضعيفة لأفواه البنادق…".

وزاد: "ولم يبق هنا عدا الألم والوهن يا أحلام...
فما عاد في هذا الوطن من حياةٍ تُذكَر
سوى أيتام يبكون أيام الأمن ورحيل الآباء..
ونسوة يندبن آناء الدفن وأطراف العزاء..
استنزفتنا هذه الحرب، واستعجلت منيّتنا قبل أوانها..!
لم يكن كافياً ما كتِبَ لنا من عُمْرٍ في كتاب القَدَر لنجتاز هذه الحرب بأجسادٍ تملؤها الحياة..!
لم يعد فينا ما يكفي من عمرٍ كي نكمل الطريق..
أنفقنا كل حياتنا عند أول معركة، واسترقنا من الجيل القادم نصف شبابهم..
لذلك نجِد طفلاً مقطوفاً قبل أوانه، وآخر مُلتحٍ بالهموم والمتاعب..! ".

وأردف يقول: "إنها الحرب يا أحلام سَقَطَت شَيخوخَة على شبابنا،
الحرب يا سيدتي سَقَطَت حَصَاداً على أرواحنا / تُخْمَةً على قبورنا / يُتماً على أطفالنا / ثُكالاً على أمهاتنا / عويلاً على نسائنا / دماراً على ديارنا / جراداً على محاصيلنا / خريفاً على أوراقنا /
الحرب حَلَّتْ لعنة أبدية على بلادنا ".


واختتم الشاب اليمني، رسالته إلى الروائية الجزائرية قائلًا: "سيدتي أحلام..
هل تعرفين معنى أن يتحول منزلكِ إلى قنبلةٍ موقوتة، وطريقكِ إلى لغمٍ قابل للانفجار، وحقيبتكِ إلى عبوةٍ ناسفة..؟!
سيدتي: إن في بلدتنا حرب" .