المشهد اليمني
الثلاثاء 2 يوليو 2024 02:22 صـ 25 ذو الحجة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
الاستسلام او الموت ...الحصار يزداد على مليشيا الحوثي والدخول في ورطة وانعدام الخيارات امامها بعد خطفهم للطائرات ألوية درع الوطن تُصدر تحذير هام وتتوعد ”صوت العدالة مكتوم: صورة القاضي قطران تُظهر وحشية الحوثيين!” حمام دم قادم بصنعاء وانفجار وشيك لصراع الأجنحة بجماعة الحوثي.. ومصدر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة صدمة في صنعاء: اغتصاب طفلة في التاسعة من عمرها على يد مواطن ثلاثيني يثير غضب الأهالي الكشف عن فندق ضخم في البصرة مملوك لقيادي حوثي كبير يثير غضبا شعبيا ” المواطن اليمني هو ”الجدار القصير” لاعباء الحوثيين...نائب في برلمان الحوثيين يشن هجوما على المليشيات ضربة في غاية الدهاء.. عضو ثورية الحوثي: الجماعة وقعت في فخ خبيث وفضيحة مدوية باحتجاز طائرات اليمنية النهاية للحوثيين... الكشف عن الخطوة الحاسمة للحكومة الشرعية ضد مليشيا الحوثي والتي ستنهي المليشيات بعد الهجوم على شبوة وتصدي العمالقة...هجوم حوثي كبير على محافظة جنوبية وقوات الجيش تتصدى اتحاد كأس الخليج يطلب من أهلي صنعاء تحديد ملعبه لمباريات دوري أبطال الخليج ”ليست الإمارات ولا السعودية”: تهريب الأسماك من عدن الى دولة خليجية يُهدد الأمن الغذائي ويُفقر أجيال قادمة

المتوسط والتوسعية الإيرانية

لا يمكن فصل تصريحات حسن نصرالله المهددة لسيادة قبرص عن الاستراتيجية التوسعية الإيرانية في المنطقة والمعلنة طوال السنوات الأخيرة على لسان قيادات بارزة في الحرس الثوري وفيلق القدس، التي اعتبرت أن وجود القوات الإيرانية وعملائها في سوريا ولبنان يشكل امتداداً للأمن القومي الإيراني، وذلك يشمل منطقة حوض المتوسط، وبمحاولة انتقال المحور الإيراني إلى المتوسط تواصل إيران جهدها الدؤوب لبسط أوسع مساحة نفوذ على الممرات البحرية الممتدة من بحر العرب والبحر الأحمر وصولاً إلى البحر المتوسط.

وبمعزل عما هو معلن من أن إسرائيل هي الهدف من توسيع عمليات الحرس الثوري في شرق المتوسط، إلا أن تصريحات نصر الله لا ينبغي النظر إليها بمنأى عن الدور الذي تلعبه إيران وبيادقها ضمن تحالفاتها الدولية الجديدة ضمن ما يسمى بـ"محور الممانعة" للهيمنة الأميركية والغربية، والسعي إلى وجود استراتيجي دائم في خاصرة أوروبا، وما التصريحات إلا بالون اختبار تقذفه طهران في المتوسط، بهدف تهديد حلف الناتو مباشرة مستغلة المناطق الرخوة بالقارة العجوز، بانتظار معرفة طبيعة الرد الغربي عموماً والأميركي على وجه التحديد للتأسيس لسابقة.

وبتقدير كثير من المراقبين السياسيين والأمنيين فإن إيران وبدفع من تحالفاتها الدولية، واعتماداً على بيدقها الإقليمي الرئيس "حزب الله"، تراهن على ضعف الموقف الغربي والأميركي بسبب الانشغال بالحربين في أوكرانيا وغزة، وترى أن الوقت حان لضرب الحلقة الأضعف في توازن القوى بشرق المتوسط، باستهداف سيادة قبرص لقناعة توصل إليها محور الممانعة للنظام الغربي تقوم على هشاشة الدولة القبرصية وتقسيمها وعدم امتلاكها لقدرات عسكرية وطنية يعتد بها، واستغلال الأمر برمته لمناوشة القوات الأميركية المنتشرة في شرق المتوسط تحقيقاً لوضع طبيعي جديد لوجودها هناك.

وسبق لكثيرين أن نبهوا خلال السنوات الماضية مراكز القرار في العواصم الغربية من أخذ التصريحات التي تصدر من طهران على محمل الجد، واحتمالات قيامها في المستقبل القريب، نظراً إلى امتلاكها وتطويرها لقدرات صاروخية بعيدة المدى بقصف مدن أوروبية. تصريحات حسن نصر الله هذه المرة كانت يفهم منها بأنه سيستخدم ترسانته الكبيرة من الصواريخ والطائرات المسيرة والقدرات البحرية لمهاجمة كل من قبرص والوجود العسكري الحليف المتمركز هناك، ومجموعة واسعة من أصول الشحن والطاقة في شرق المتوسط، وهو بتهديده لسيادة قبرص يكرر سابقة وضعها سادته في إيران خلال الأشهر الماضية بمحاولة تهديد سيادة المملكة الأردنية الهاشمية.

التقديرات العسكرية المحافظة تشير إلى إمكان قيام إيران و"حزب الله"، وبقية ميليشيات طهران في اليمن والعراق وسوريا كحد أدنى، وضمن ما يسمى وحدة الساحات إلى استهداف السفن العسكرية والتجارية الإسرائيلية والغربية والأميركية في شرق المتوسط، وتحديداً سفن البحرية الأميركية المنتشرة بالمنطقة.

وفيما تحاول الدول الغربية إغلاق صفحات الحرب في أوكرانيا وغزة، وتعزيز قدراتها العسكرية لمواجهة احتمالات المستقبل في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط، يؤكد معهد دراسات الحرب في العاصمة الأميركية واشنطن أن محور الممانعة يكثف جهوده حالياً لتقويض النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، في مقابل تعزيز التعاون العسكري بين مكونات قواه المتحالفة لإسقاط النظام العالمي الحالي وبناء نظام عالمي جديد. ولهذا فإن محور الممانعة يركز على التنسيق الاستراتيجي وتبادل التكنولوجيا العسكرية، والإسناد المتبادل في المنظمات الدولية لمواجهة وحدة القرار الغربي، وعينه شاخصة على التغييرات المحتملة في مركز القرار في واشنطن عقب انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

التحرك الدبلوماسي الأميركي النشط يستوعب المعضلة التي تواجهها القيادة الأميركية للنظام الدولي في شرق المتوسط، ويتحرك لمعالجة العقدة / الفخ لإنهاء حرب غزة، وهو ساع في ذلك على رغم ما يلقاه من تعنت اليمين المتطرف في إسرائيل، وبالموازاة التوصل إلى حل سياسي للوضع المتوتر على الحدود اللبنانية الجنوبية، مدركاً أنه بمسعاه هذا إنما يجهض ويؤجل مواجهة مع إيران وبيادقها ومحور الممانعة الذي يقف وراءهم إلى لحظة مستقبلية سيحدد التحالف الغربي ظروفها ومكانها.

الحزب... العيش في وكر اللادولة

تطاول نصر الله بتهديد سيادة دولة قبرص الصديقة للبنان التي لطالما احتفظت بعلاقات راسخة ومميزة مع الشعب اللبناني بمختلف فئاته، والدولة الأوروبية الأكثر قرباً من لبنان وشعبها، التي تؤوي آلافاً من اللبنانيين، يعني أن اللادولة اللبنانية وصلت إلى أكثر مراحلها التاريخية هشاشة وانكشافاً إلى حدود "تعذر" بل استحال معها صدور بيان إدانة أو استنكار أو تبرؤ رسمي من هجوم "حزب الله" على سيادة دولة جارة من أي مسؤول لبناني رسمي، بحسب بيان حزب الكتائب اللبناني.

وخلال السنوات الأخيرة، ومع تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في لبنان وغياب الدولة واختطاف سيادتها من "حزب الله"، مدت قبرص يد العون للبنانيين، وفتحت أبوابها لاستقبال آلاف منهم، مقدمة لهم تسهيلات الإقامة والعمل والتعليم والدعم الإنساني والطبي. وهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها نصر الله دولة قبرص، فخلال الشهر الماضي كان دعا من سماها بـالسلطات اللبنانية التي تعمل بأمرته إلى فتح الحدود البحرية حتى يتمكن مئات الآلاف من المهاجرين السوريين من شق طريقهم إلى قبرص، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي. وهذا السلوك يعكس أيضاً توجهاً ثابتاً لدى محور الممانعة، الذي يسعى منذ فترة إلى إغراق أوروبا باللاجئين عبر حدودها الشرقية والجنوبية.

الحكومة القبرصية قامت أخيراً في ضوء معلومات استخبارية توافرت لديها عن نية "حزب الله" باستهداف مصالح حيوية داخل الدولة، إضافة إلى مصالح بريطانية وأميركية، بتقديم لبنانيين مرتبطين بالحزب للمحاكمة بتهم تهديدهم للأمن القومي القبرصي، وعمدت على وضع اللبنانيين المقيمين في أراضيها تحت المراقبة الأمنية اللصيقة. أما حكومة تسيير الأعمال اللبنانية فاكتفت بالوقوف مكتوفة الأيدي، ولم تأل جهداً للعب دور المنظف للكم الهائل من تجاوزات وانتهاكات "حزب الله" للسيادة اللبنانية.

ثمن العنتريات باهظ

وزير الخارجية اللبناني عبدالله بو حبيب الذي قال بالأمس القريب في فيديو مسرب "خلصونا من ’حزب الله‘"، وكما يبدو وبعد أن تم تأطيره، قال إن "حزب الله لبناني عارف بمصالح لبنان"، وإن الحكومة اللبنانية تريد مقابلاً للتهدئة مع إسرائيل، مؤكداً أن لبنان لن يحاول إسكات أسلحة "حزب الله"، وأن اللبنانيين اعتادوا منذ فترة طويلة على عدم الاستقرار ويمكنهم أن يصمدوا حتى تلبى مطالبهم.

وتراهن الطبقة السياسية المرهونة لـ"حزب الله" بأنها بصدد الحصول على تنازلات غربية وأميركية، في مقابل القبول بالتهدئة، ويبدو أن الحكومة اللبنانية تعتقد أنها ستحصل على شروط أفضل مع تزايد اليأس الدولي لوقف هجمات "حزب الله" على شمال إسرائيل، في ضوء تقارير تفيد بأن المانحين الغربيين ربما يكونوا على استعداد لتمويل اقتصاد لبنان الفاشل من أجل "تلطيف الصفقة"، مما يعزز اعتقاد بيروت بأن هذا الابتزاز سيكافأ في نهاية المطاف، وقد يعتقد "حزب الله" أيضاً أن حرص واشنطن على تجنب اندلاع حرب كبرى أخرى نقطة ضعف تصب في صالحه.

ولكن ما لا يدركه "حزب الله" وسادته في طهران ومن خلفهم محور الممانعة أن المواجهات المنضبطة على الحدود اللبنانية الجنوبية ليست كمثل القرصنة في شرق المتوسط، ولا تهديد سيادة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، وتقع تحت حماية حلف شمال الأطلسي، بخاصة أن قبرص وقعت في يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقاً للتعاون الاستراتيجي مع أميركا ركز على التزام واشنطن بدعم استقرار وأمن منطقة البحر المتوسط، ويعزز دور قبرص كشريك استراتيجي في هذه المنطقة الحيوية، وبإمكان حماقة إضافية من الحزب المنتشي بالصواريخ الإيرانية أن تدمر لبنان وتعيده للعصر الحجري.

ويستعد الاتحاد الأوروبي لاتخاذ رد حازم على تهديدات "حزب الله"، ولن يكتفى بتصريحه القوي من أن أي اعتداء على قبرص إنما هو اعتداء على سيادة الاتحاد الأوروبي، وستشمل الإجراءات الأوروبية حزمة من العقوبات التي ستطاول مصالح الطبقة السياسية المرتهنة لـ"حزب الله" في الداخل اللبناني وخارجه، ووضع الحزب ضمن قوائم المنظمات الإرهابية الدولية، طالما أن ما يقوله الوزير بو حبيب أن اللبنانيين معتادون وبإمكانهم تحمل مزيد من القهر والفقر والدمار والتبعية والارتهان للإرادة الإيرانية التوسعية.

*إندبندنت