الجمعة 25 أبريل 2025 06:41 مـ 27 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

من عدن إلى آسيا.. حكاية كرة القدم اليمنية

الجمعة 25 أبريل 2025 02:07 مـ 27 شوال 1446 هـ
تاريخ كرة القدم اليمنية
تاريخ كرة القدم اليمنية

محمد أبو ريان

في شوارع عدن، وبين أحياء استعمارية تعج بالضباط البريطانيين، دارت أولى مباريات كرة القدم اليمنية. لم تكن سوى لعبة أطفال في ثلاثينيات القرن الماضي، سرعان ما تحولت إلى شغف وطني. كان نادي التلال – المعروف سابقًا باسم نادي الاتحاد المحمدي – أول من أشعل شرارة الحماس، ليصبح بذلك أقدم نادٍ في الجزيرة العربية. أما شمال اليمن، فكانت بداية كرة القدم فيه أبطأ، حيث دخلت اللعبة عبر المدارس والفرق المحلية في مدن مثل صنعاء وتعز خلال الخمسينيات.

اتحاد الكرة.. ولادة منتخب من قلب الوحدة

مع إعلان الوحدة اليمنية عام 1990، لم يكن الحدث سياسيًا فقط، بل رياضيًا بامتياز. اندمج اتحادا الشمال والجنوب، وشُكل منتخب يمني واحد، ليبدأ حلمٌ جديد تحت راية موحدة. ورغم الفجوة الفنية بين الكرتين الجنوبية والشمالية، خاض المنتخب أولى مبارياته الدولية، حالمًا بتكرار أمجاد التلال وشعب إب على مستوى الوطن العربي.

الدوري اليمني.. بطولة تتحدى الظروف

تأسس الدوري اليمني الموحد بعد الوحدة، ليجمع بين أندية شمالية وجنوبية في منافسة واحدة. أسماء كبيرة مثل أهلي صنعاء، وحدة صنعاء، التلال، وشعب إب، فرضت نفسها بقوة، وصنعت مباريات كلاسيكية ما زالت محفورة في ذاكرة المشجعين. لكن هذا الحلم الرياضي لم يسلم من المنغصات؛ الحروب والانقسامات السياسية أوقفت الدوري أكثر من مرة، ومع ذلك ظل الشغف مستمرًا.

المنتخب الوطني.. بين خيبات الخليج وأمل آسيا

شارك منتخب اليمن في بطولات كأس الخليج بعد الوحدة، إلا أن النتائج كانت متواضعة في معظم النسخ. الجماهير كانت تأمل في حضور أقوى، لكن ظروف التحضير والإعداد كانت دائمًا عقبة. وفي لحظة مفصلية عام 2019، نجح المنتخب في التأهل إلى نهائيات كأس آسيا لأول مرة في تاريخه، في إنجاز أسعد الملايين رغم الخروج المبكر. المثير أن أغلب اللاعبين كانوا من الدوري المحلي، ما يعكس موهبة متأصلة تحتاج فقط إلى بيئة احترافية.

نجوم سطعوا رغم الأزمات

رغم التحديات، خرجت الكرة اليمنية بعدد من النجوم الذين تركوا بصمتهم داخل وخارج اليمن.

علي النونو: الهداف الأسطوري الذي قاد المنتخب لعقدين.

شرف محفوظ: قائد التلال وأيقونة الجنوب.

أكرم الصلوي: صانع الألعاب الذكي والمراوغ الموهوب.

سامي نعاش: مدرب شجاع خسرته الملاعب مبكرًا، لكنه ترك إرثًا كرويًا.

الحروب توقف الدوري.. ولكن الكرة لا تموت

منذ عام 2015، واجهت الرياضة اليمنية انتكاسات قاسية. توقف الدوري، دُمرت الملاعب، وغابت البطولات. لكن وسط هذا الركام، ظل الجمهور اليمني وفيًا للكرة، حيث تُنظم بطولات مجتمعية.

الدوري اليمني.. بطولة تتحدى الظروف

تأسس الدوري اليمني الموحد بعد الوحدة، ليجمع بين أندية شمالية وجنوبية في منافسة رسمية واحدة. لم يكن التأسيس سهلًا؛ فغياب البنية التحتية، والأزمات المتكررة، فرضا تحديات كبيرة على استمرار البطولة. ورغم ذلك، لمع نجم أندية عريقة مثل أهلي صنعاء، التلال، شعب إب، ووحدة صنعاء، وقدّمت جماهير غفيرة دعمًا لا ينقطع حتى في أحلك الظروف. وكانت فترة التسعينيات وبداية الألفية مليئة بالمباريات الساخنة، قبل أن تتوقف المنافسات أحيانًا بسبب الوضع السياسي المتقلب.

منتخب اليمن.. من الهزائم إلى لحظة المجد

لطالما كان المنتخب اليمني حاضرًا في بطولات الخليج، لكن نتائجه لم تكن ترضي الطموحات. ومع ذلك، لم يتوقف حلم الجماهير. وفي عام 2019، حقق المنتخب إنجازًا غير مسبوق بتأهله إلى نهائيات كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه، وهو إنجاز يُحسب للإصرار، رغم الإمكانيات المحدودة وغياب اللاعبين المحترفين في الخارج. اعتمد المنتخب دائمًا على المواهب المحلية، وتميّز بروح قتالية تثير إعجاب المتابعين، حتى إن لم تحقق نتائج كبيرة.

نجوم من قلب المعاناة.. أبطال رغم كل شيء

من بين الركام، خرجت أسماء صنعت الفارق، أبرزهم الهداف التاريخي للمنتخب علي النونو، وصانع الألعاب الموهوب أكرم الصلوي، والأسطورة الجنوبية شرف محفوظ. ولا يمكن نسيان المدرب سامي نعاش، الذي ترك بصمة فنية واضحة رغم رحيله المفاجئ، وكان أحد أبرز من قاد المنتخب في أصعب الظروف.

السياسة تُجمد الكرة.. لكن العشق لا ينطفئ

لم تنجُ كرة القدم اليمنية من تداعيات الحرب والانقسام السياسي. توقفت الدوريات أكثر من مرة، وتضررت الأندية، وابتعد الجمهور عن المدرجات. لكن رغم كل شيء، ظلت اللعبة حيّة. الملاعب الترابية، والدوريات الشعبية، ومباريات الأحياء، كلها كانت تشهد أن الشغف ما زال موجودًا، وأن كرة القدم في اليمن ليست مجرد رياضة، بل هوية شعب.

الكرة اليمنية في المهجر.. الحلم البعيد

في ظل شُحّ الاحتراف المحلي، توجه بعض اللاعبين اليمنيين إلى الدوريات العربية، خصوصًا في مصر والسودان ودول الخليج، ووجدوا هناك متنفسًا لتطوير قدراتهم. وفي السعودية، نظّمت الجاليات بطولات مصغّرة دعمت بقاء اللعبة في الذاكرة، وأبقت الحلم حيًا في قلوب اليمنيين في الخارج.

مستقبل الكرة اليمنية.. بين الدعم والحلم

رغم الصعوبات، بدأ الدعم الدولي، خصوصًا من الفيفا، يشق طريقه إلى الملاعب اليمنية، عبر مشاريع لإعادة تأهيل البنية التحتية وتطوير الأكاديميات. وما زال الأمل معقودًا على رؤية منتخب قوي، دوري مستقر، ومواهب تنافس في أوروبا، لأن الحلم لا يُقهر متى ما وُجد الإصرار.