المشهد اليمني

يونس عبدالسلام دخل السجن كبطل برئ وخرج كبطلين معًا

الخميس 8 ديسمبر 2022 01:42 صـ 15 جمادى أول 1444 هـ

يونس عبدالسلام. دخل السجن كبطل برئ وخرج كبطلين معًا، أكثر مجدًا، شفافًا، كأول لحظة عرفته فيها. أخذوه من الشارع، جمدوا حياته لما يقارب سنة ونصف. دخل ذاهلًا ولا يدري من منح الأخر الحق أن يعطل حياتنا بأي لحظة. هل أنتم الرب..؟ لا. ليسوا الرب؛ لكنهم تألهوا، مارسوا صلاحيات واهب الحياة الأول، تجرأو على ذلك بصمت واستكبار..وكأن الحياة منحتهم ضمانة أكيدة أن تظل طيعة لهم للأبد. لم يضعوا اعتبارا للغد، لم يتركوا نافذة بيننا وبينهم وما يصل الأخ بأخيه، لم يسمعوا صرخاتنا، ولم يكترثوا للجواب.
دخل يونس السجن، بروحه المعروفة، نقيًا لا يمكن أن يجرح الهواء. شاب في بداية محاولاته تأسيسة حياته، أهدروا زمن ثمين من عمره، ألحقوا الأذئ بجسده. ساعة واحدة من حياتك وأنت مصادر الإرادة، هي أفدح جريمة بمعيار الله نفسه. لا يوجد جناية ترقى لدرجة الكفر بالله مثل تجرؤ انسان أن يلغي حرية إنسان أخر. حياتك كسجين ليست هي المستهدفة بالدرجة الأولى، ذلك أن السجان لو أراد قتلك لفعل؛ لكن المستهدف هو روح الإنسان فيك، المستهدف كيانك المعنوي الحر. تلك اللمسة الإلهية فيك، تخريب ما لا يمكن السطو عليه. هذه هي غاية السجّان. غاية من يسجنك هو استخدام القوة ليجبرك على تعديل تصوراتك عن الحياة بالنار والسلاسل وفوهة البندقية المصوبة بالقرب من رأسك.
ومتى أحبطتَ محاولتهم هذه، تكون قد عطلت قدرة السجان على تحقيق غايته. أفقدت السجن فاعليته. نجحوا في احتجاز جسدك، وظلت روحك طليقة. هذه هو حال يونس، كما استشعرته اليوم.. مجروح؛ لكنه متعاف من أعماق روحه. مرهق؛ غير أنه بكامل حضوره الجذاب.
ليس في هذا خفض لبشاعة السجن ومصادرة حرية الإنسان، لكنه تأكيد على أن بداخل هذا المخلوق، ما لا يمكن مصادرته، ما يجعل القدرة على تطويعه سلوكًا مستحيلا. إنه مخلوق هش يمكن لزجاج في الشارع أن يسقطه أرضًا؛ لكن أقوى قوة في الكوكب عاجزة عن اختراق روحه وإعادة خلقها، باستثناء الرب.
أستطيع القول كانطباع مبدئي: لم يعد يونس إلينا كضحية؛ بل كبطل. متألم ؛ لكنه يفيض حيوية، أظن خروجه سيكون نقطة تحول في حياته. يحتاج وقفتكم جواره، ولسوف تستعيدون يونس في أعلى تجليات وجوده الحي، شخصيته المتعافية. متهكما، نزقًا، بقناعات استثنائية، متمسك بتصوراته للحياة بل وأكثر صلابة مما كان عليه.
ليلة دافئة، عودته سدت فجوة في داخلي..حياتنا مقدسة ولن نفلتها لهم بسهولة..يومًا ما سنثأر لكل ساعة صادرها عنا دروايش الزمن المغلوط. تحية لكل الرفاق، اصطفوا جوار بعض واحموا حياتكم، لن تتذكروا من هذه الفترة السيئة سوى لحظات صمودكم. هذا هو شرفكم العال، في هذه اللحظة الرديئة من، تاريخ الإنسان ع هذه البقعة الحزينة من العالم.
يونس بخير، يبلغكم سلامة فردًا فردًا، يحتاج أن يلملم روحه وسوف يكون بينكم قريبًا.