المشهد اليمني

المشاط.. آخر ”الأمراء العبيد”!

الأحد 3 سبتمبر 2023 09:36 صـ 18 صفر 1445 هـ

ظهر مهدي المشاط رئيس ما يسمى بـ "المجلس السياسي الأعلى" الخاص بمليشيا الحوثي، خطيباً لصلاة الجمعة في جامع "الإمام الهادي" بمدينة صعدة، وفي الخطبة يفاخر الرجل بأنه "تابع" لقيادة قال إنها "الأفضل على وجه المعمورة".

نسي المشاط أنهم يسمونه في وسائل إعلامهم "فخامة الرئيس مهدي المشاط"، ويسمونه "رئيس الجمهورية"، واعترف - وليست المرة الأولى- أنه تابع لا متبوع، مرؤوس لا رئيس، مملوك لا مالك.

هو لا يخجل من كونه كذلك، ولا أحد يريده أن يخجل.

إن اعترافاً كهذا يوضح الواضح وهو أن الإمامة الجديدة عبثاً تحاول التخفي خلف قشة اسمها "المشاط".

في الحقيقة، كان الأمر سيكون مختلفاً بعض الشيء ومُربكاً للباحث والمؤرخ لو أن "الإمامة" عادت مثلاً كهيئة دينية خاضعة لسلطة الدولة.
أما وقد عادت كسلطة فوق سلطة الدولة، وهذه الأخيرة تابعة لها، حتى وإن تغيَّر المُسمَّى واللقب، فإن التعرف عليها كـ"إمامة" لا يتطلب أدنى جُهد.

ما هي الإمامة أصلاً -بمفهومها التاريخي الزيدي- إن لم تكن سلطة دينية وسياسية أعلى وأشمل من الدولة، حيث الدولة أشبه بهيئة تابعة متفرعة من سُلطان الإمام!

وإذا كان الحال هكذا، فلا فرق بين أن تُسمِّي صاحب السلطة التابعة المفوَّضة من طرف مقام الإمام الولي العَلَم- "رئيس جمهورية" أو أن تسميه "رئيس المجلس السياسي" أو "الأمير المملوك"، إذ كان بعض الأئمة الزيديين القاسميين يستعملون عبيداً وأرقاء كأمراء يمنحونهم مناصب وألقاب يمارسون بموجبها نفوذاً كبيراً باسم الإمام، وكان هؤلاء المكلَّفون يعتنقون مذهب سادتهم ويتعصبون له ويغالون في التعصب، واشتهر منهم الأمير فرحان عبدالله والأمير الماس والأمير جوهر والأمير فيروز و…الخ!

ولا فرق حتى لو خلعتَ على صاحب السلطة التابعة لقب "ملك"، وهو لقب منحه الإمام عبدالله بن حمزة بالفعل لقادة ميدانيين وأمراء انشقوا لدوافع شخصية من صفوف الأيوبيين وانضموا إلى صفه، وكثيرٌ منهم مماليك وعبيد؛ واشتهر منهم "سيف الإسلام حكو" و"سُنقر" و"شمس الخواص" و"الزنجبيلي" و"ياقوت" والقائد "هيلدري بن أحمد المرواني"، وهذا الأخير خلع عليه الإمام ابن حمزة لقب "الملك المسعود".

وكذلك الحال مع الفاطميين الإسماعيليين في مصر، فقد كان الخليفة الفاطمي يخلع على وزيره الأول لقب "ملك".

وعليه، فمن حيث المضمون، لا شيء جديد إطلاقاً في كل هذا الذي نراه!

علماً أن استعمال الأمراء والقادة المماليك، أو الأمراء العبيد، في الحراسة والقتال والإدارة والسياسة والحُكم هي ظاهرة معروفة في التاريخ.

غير أن هناك حالات بعينها تبدلت فيها الأدوار رأساً على عقب، فإذا بالأمير المملوك قد صار "متبوعاً" بعد أن كان "تابعاً"، صار سلطاناً يأمر فيُطاع.

والمثال على ذلك دولة المماليك الترك والشركس والكرد الذين توارثوا على مدى ثلاثة قرون حكم مصر وأحياناً مصر والشام والحجاز، فقد كانوا أصحاب السلطة الفعلية، وحتى بعد فرار الخليفة العباسي من بغداد استضافوه في القاهرة مجرداً من السلطة الفعلية لا يملك من أمره شيئآ.

وظل المماليك يحكمون باسمه شكلياً فقط!

(المصدر أونلاين)