لماذا الضربات الإسرائيلية لا تستهدف القيادات الحوثية كما هو الحال مع حزب الله؟

لأن الحوثي لا يمثل خطورة مباشرة حقيقية على الإحتلال أصلا، نظرا لبعد الجغرافيا أولاً، وثانياً لأن الوظيفة الأساسية للحوثي -ضمن توزيعة مهام المحور- هي أن يمثل تهديداً للسعودية، وإسرائيل تريد للحوثي، في هذا التوقيت على وجه التحديد، أن يظل تهديدا للسعودية، فإذا انطلق صاروخ ومسيرة إيرانية من اليمن باتجاه الأراضي المحتلة في سياق اسناد حزب الله، لن يعني ذلك أن الاحتلال سيذهب لخوض معركة السعوديين مع الحوثي في بطون الجبال، بل سيقتصر تركيزه على الأهداف التي تعنيه في معركته ضمن تقديراته الخاصة به، وضرباته على الحديدة في مجملها اسقاط للحرج أمام الرأي العام الصهـيوني، وضغط على خطوط إمداد حيوية، وليست ضربات ردع أصلا، إلا من حيث أنها رسائل لإيران بأن الذراع الإسرائيلية قادرة على الوصول إلى أي نقطة في إيران كما يؤكد قادة الكيان بعد كل استهداف للحديدة.
الحوثي حتى في حال كان حريصاً على استهداف إسرائيل كجبهة مستقلة عن كل المحور، يظل عائق الجغرافيا وإمكانات تجاوز هذا العائق أمر حاسم في أي تطور بالنسبة للطرفين، الحوثي والإسرائيلي على حد سواء، لكن ما يأتي من اليمن ضمن هذه المعركة بالنسبة للكيان، قرار عملياتي إيراني بسلاح إيراني يستخدم اليمن كمنصة إطلاق وحسب.
حزب الله على حدود الاحتلال، ومسلح أفضل من الحوثي، وهو رأس حربة أذرع إيران في المنطقة، والقضاء عليه بالأساس سيضعف كل شبكات المحور في المنطقة، فإن كان بالإمكان ضرب الرأس بكلفة أقل، فلماذا عليه أن ينشغل بمعركة جانبية تحرص إيران على جره إليها أصلا لإبعاده عن معركته الأساسية معها.
أي أن تجاهل الكيان لعنتريات الحوثي "في وجه من أوجهه" يأتي من باب عدم السماح لإيران بتحديد زمان ومكان المعركة معها ببساطة شديدة.
يطمح الكيان لضرب إيران مباشرة، ضمن ما يبدو أنها ترتيبات يراد لها أن تنتهي بتمكين إسرائيل في المنطقة بشكل كامل، ومتعلقة بالصراع الغربي المتصاعد مع الصين وروسيا.
تدرك إيران ما الذي يحاك للمنطقة، وتسعى لتفادي أن تكون الضحية الأبرز لهذه الترتيبات، من خلال إشغال الكيان بمعارك جانبية مع أذرعها، والتلويح باستعدادها للتفاوض للوصول إلى تسويات مقابل تنازلها عن أذرعها في نهاية المطاف، وبما يضمن بقاء النظام في طهران، أو على الأقل هذا ما يبدو عليه الأمر بالنسبة للكثير من المراقبين، لذا؛ المتوقع أن الضربات الإسرائيلية على الحوثي لن تتجاوز حدودها الرمزية الحالية
خط التصعيد الذي يتزعمه نتنياهو ذاهب باتجاه إيران ومفاعلاتها النووية وليس باتجاه كهوف صعدة.
الحوثي مشكلة السعودية، وسيظل كذلك، ثم دول الخليج، وحينما يتعلق الأمر بعملياته في البحر فالأمر يعني مصر قبل أي أحد، ثم أوروبا وأمريكا وحتى الصين والعالم أجمع، إسرائيل تدرك هذا الأمر، لماذا تتوقع أنها غبية بما يكفي لأن تتنازل عن هذا الغطاء الذي يوفره لها الحوثي والمتمثل في تقديمها بوصفها تدافع عن الأمن والسلم العالميين؟!
مع ذلك؛ عندما يمثل الحوثي خطورة حقيقية ومباشرة على الإحتلال، فلا يوجد سبب يجعلك تستبعد أن تبدأ إسرائيل عملية تصفية لقادة الجماعة على الطريقة التي حدثت وتحدث لحزب الله، ويبقى الإنزال البري أمر مستبعد جدا عن أي تطورات متعلقة باليمن.
لا إسرائيل ولا أمريكا ولا أي دولة يمكن أن تخوض معركة شاملة مع الحوثي مالم تكن السعودية رأس الحربة فيها، والسعودية لديها ترتيباتها الخاصة في باليمن، على الأقل إلى حين استقرار التطورات الحالية على نتائج واضحة، حينئذ، قد تتغير أولوياتها وتقديراتها.
* (المصدر أونلاين)