المشهد اليمني

حرب الرسوم تقلب الموازين.. كيف تغيّرت خريطة التجارة بين الصين وأمريكا؟

الأربعاء 23 أبريل 2025 12:36 مـ 25 شوال 1446 هـ
الصين والولايات المتحدة
الصين والولايات المتحدة

في عام شهد تقلبات حادة في الأسواق العالمية، دخلت أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم، الصين والولايات المتحدة، في صراع تجاري متصاعد ألقى بظلاله الثقيلة على الاقتصاد العالمي. حرب الرسوم الجمركية التي أشعل فتيلها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لم تكن مجرد نزاع اقتصادي، بل تحولت إلى معركة استراتيجية غيّرت قواعد التجارة وأربكت التوازنات. منظمة التجارة العالمية، في تقريرها الأخير، كشفت حجم الخسائر المحتملة، بينما لم تغب الفرص التي قد تنشأ في قلب هذه العاصفة.

تراجع في النمو العالمي بسبب الرسوم التصعيدية

أشارت منظمة التجارة العالمية إلى أن سلسلة الرسوم الجمركية المتبادلة بين الولايات المتحدة ودول أخرى، وعلى رأسها الصين، أدّت إلى تدهور حاد في آفاق التجارة العالمية. فقد أظهرت البيانات أن نمو الناتج الاقتصادي العالمي في عام 2025 سيتباطأ إلى 2.2 بالمئة، وهو انخفاض واضح عن معدل 2.8 بالمئة الذي كان متوقعًا في حال عدم فرض هذه الرسوم. كما توقعت المنظمة أن ينكمش حجم التجارة العالمية بنسبة 0.2 بالمئة، مقارنة بتوقعات سابقة بنمو يبلغ 2.7 بالمئة.

تباطؤ واضح في أمريكا الشمالية وخسائر صينية فادحة

تُعد الولايات المتحدة المتضرر الأكبر من هذه السياسة التصعيدية، إذ من المتوقع أن يتراجع الناتج الاقتصادي لأمريكا الشمالية بمقدار 1.6 نقطة مئوية مقارنة بالتقديرات في غياب الرسوم الجمركية. من جهة أخرى، تواجه الصين خسائر كبيرة في صادراتها إلى الولايات المتحدة، حيث يتوقع أن تنخفض بنسبة مذهلة تصل إلى 77 بالمئة، لا سيما في قطاعات مثل الألبسة والمنسوجات والمعدات الإلكترونية، وهي قطاعات تحتل فيها الصين حصة كبيرة من السوق الأمريكية.

تحولات جذرية في خارطة التبادل التجاري

في ظل هذه المتغيرات، بدأت الصين بإعادة توجيه صادراتها نحو أسواق بديلة خارج أمريكا الشمالية. وتشير التقديرات إلى أن صادراتها قد ترتفع بنسبة تتراوح ما بين 4 إلى 9 بالمئة في مناطق أخرى. في المقابل، يُتوقع أن تستفيد دول آسيوية نامية من الفراغ الذي تتركه الصين في السوق الأمريكية، حيث بدأت شركات من جنوب شرق آسيا والهند وفيتنام تسعى جاهدة لسد الفجوة وتلبية الطلب الأمريكي المتزايد في بعض الصناعات.

فرص لدول صاعدة في قلب الأزمة

رغم الصورة القاتمة، إلا أن الأزمة أفرزت فرصًا لدول أقل نموًا اقتصاديًا. فعجز الولايات المتحدة عن استيراد كميات كبيرة من السلع الصينية خلق فجوة في السوق يمكن أن تسدها دول أخرى ذات قدرة إنتاجية جيدة. القطاعات التي تتعلق بالمنسوجات والمعدات الإلكترونية والملابس قد تشهد تحولات في سلاسل التوريد العالمية، مما يفتح المجال أمام دول نامية للدخول بقوة إلى السوق الأمريكية واكتساب حصة سوقية كانت تحتكرها الصين سابقًا.

أزمة تلد الفرص وتقلب موازين القوة

الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة لم تكن مجرد نزاع عابر، بل رسمت خطوطًا جديدة على خريطة الاقتصاد العالمي. وبينما يخسر طرفان أساسيان من هذه المواجهة، فإن آخرين يستعدون للصعود في لحظة حاسمة. والدرس الأبرز هو أن العالم لم يعد محكومًا بثنائية القطبين، بل أصبح أكثر استعدادًا لاستيعاب قوى صاعدة تبحث عن موطئ قدم في خضم الأزمات.