هل تمتلك إيران القنبلة النووية بالفعل؟ مؤشرات ميدانية وتفسيرات استخباراتية تثير الشكوك (3-4)

مفتش سابق يكشف الأسرار: تصنيع القنبلة لا يحتاج لتخصيب 90% .. في واحدة من أكثر القضايا إثارة للجدل في الساحة الدولية، تتزايد الشكوك حول امتلاك إيران للقنبلة النووية بالفعل، رغم استمرار طهران في نفي ذلك رسميًا، هذه الشكوك عززها تصريح خطير للدكتور يسري بوشادي، كبير مفتشي وكالة الطاقة الذرية السابق، والذي أكد أن تصنيع القنبلة النووية لا يشترط الوصول إلى نسبة تخصيب 90% من اليورانيوم، كما يظن البعض.
وفقًا لبوشادي، فإن تخصيب اليورانيوم بنسبة أقل من 90% قد يكون كافيًا، إذا ما تم تعويض النقص في النسبة عبر زيادة كمية اليورانيوم المستخدم. على سبيل المثال، تصنيع قنبلة نووية يحتاج إلى نحو 15 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 90%، ولكن في حال لم تتجاوز النسبة 60%، فستحتاج القنبلة إلى 42 كيلوغرام، أما في حال كانت نسبة التخصيب 20% فقط، فستتطلب القنبلة حوالي 130 كيلوغرام من اليورانيوم.
امتلاك المواد الكافية: أرقام صادمة من داخل إيران
ويضيف بوشادي، أنه خلال فترة تفتيشه للمفاعلات والمنشآت النووية الإيرانية، كانت إيران تملك 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، وهي كمية تكفي لإنتاج ثلاث قنابل نووية. إضافة لذلك، كانت إيران تمتلك أيضًا 70 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، تكفي لصنع قنبلتين إضافيتين. ما يعني أن إيران، نظريًا، تمتلك المواد الكافية لصنع ما لا يقل عن خمس قنابل نووية.
هذه التصريحات تكشف سبب قناعة الولايات المتحدة بأن إيران قد وصلت فعلًا إلى عتبة تصنيع القنبلة، رغم نفي طهران الرسمي المستمر.
زلزال غريب أم انفجار نووي؟ تفاصيل مثيرة من صحراء سمنان
الحديث عن التجارب النووية الإيرانية أخذ منحى جديدًا بعد واقعة غريبة رصدتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، في 5 أكتوبر 2024، حين سجلت هزة أرضية غامضة في منطقة صحراوية بمحافظة سمنان الإيرانية.
المثير في تلك الحادثة لم يكن مجرد وقوع الزلزال، بل تفاصيله الفنية: الهزة وقعت على عمق 12 كم تحت الأرض، دون وجود أي مؤشرات مسبقة، ودون أي هزات ارتدادية، وهي أمور تخالف طبيعة الزلازل المعتادة، ما دفع خبراء الزلازل للتشكيك في كونها زلزالًا طبيعيًا.
وبما أن إيران اعترفت رسميًا بالهزة، ولكنها لم تشرح أسبابها، فقد رجّح الخبراء أن ما حدث كان في الواقع انفجارًا كبيرًا تحت الأرض، يُرجح أنه تجربة لقنبلة نووية.
لماذا عمق 12 كم؟ تحليل أهداف إيران الخفية
عادة ما تتم التجارب النووية على عمق 3 كم فقط، وهو عمق كافٍ لامتصاص الأثر الإشعاعي فوق سطح الأرض. لكن قيام إيران بتجربة على عمق 12 كم، يُفسر بأنه محاولة مزدوجة لتحقيق هدفين: الأول هو إخفاء الأثر الإشعاعي تمامًا، والثاني – والأهم – هو إخفاء التجربة نفسها عن أجهزة الرصد العالمية.
بهذا العمق، يصبح من شبه المستحيل التأكد من أن ما جرى هو تجربة نووية، ما يمنح إيران فرصة المضي قدمًا في تطوير سلاحها النووي بعيدًا عن أعين العالم.
لماذا لا تعلن إيران امتلاكها للسلاح النووي؟
رغم كل المؤشرات التي توحي بأن إيران قد نجحت بالفعل في تصنيع القنبلة النووية أو على الأقل اختبارها، لا تزال طهران تصر على النفي. فلماذا هذا الإنكار المستمر؟
السبب يعود إلى عدة اعتبارات استراتيجية:
1. تجنب العقوبات الشاملة
إيران عضو في معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. أي اعتراف رسمي بامتلاك السلاح النووي يعني خرقًا للمعاهدة، ويمنح المجتمع الدولي – وليس أمريكا فقط – مبررًا قانونيًا لفرض عقوبات اقتصادية أو حتى اللجوء للعمل العسكري.
إعلان امتلاك السلاح يعني أيضًا تهديد مباشر لإسرائيل ودول الخليج، مما يدفع واشنطن لتجييش المجتمع الدولي ضد طهران.
2. تجنب المسؤولية تجاه "محور المقاومة"
في حال أعلنت إيران امتلاكها للقنبلة، ستُطالب من قبل حلفائها – كحزب الله وحماس والحوثيين – باستخدام هذا السلاح لحمايتهم. ما يُثقل كاهل إيران سياسيًا وعسكريًا، ويجبرها على الانخراط في مواجهات مفتوحة لا ترغب بها الآن.
3. الحفاظ على ورقة التفاوض
طالما لم تعلن إيران امتلاك القنبلة، تظل في موقع يمكنها فيه التفاوض مع الغرب، وخصوصًا أمريكا، لرفع العقوبات الاقتصادية مقابل "تجميد" البرنامج النووي، لا تفكيكه. وهذا يتيح لطهران مواصلة تطوير البرنامج في الخفاء، مع الحفاظ على العلاقات الدبلوماسية.
دروس من كوريا الشمالية: السلاح لا يرفع العقوبات
ما يؤكد استراتيجية الإنكار الإيرانية، هو التجربة الكورية الشمالية. فرغم امتلاك بيونغ يانغ للسلاح النووي، إلا أنها لا تزال تعاني من أشد العقوبات الاقتصادية. نعم، السلاح ردع أي عمل عسكري ضد كوريا، لكنه لم يمنحها الحصانة الاقتصادية، ما تسبب في معاناة شعبها.
إيران تدرك جيدًا أن إعلان امتلاك القنبلة النووية، لن يمنحها قوة إضافية بقدر ما سيكلفها سياسيًا واقتصاديًا. لذلك، يبدو خيار "الإنكار مع الاستمرار في التطوير" هو الحل الأمثل لها في هذه المرحلة.
صاروخ ”شهاب 3” وتخصيب الورانيوم والمحور .. ما الذي يهدد مفاوضات إيران وأمريكا؟ (1-4)
أمريكا وإيران .. مفاوضات تحت النار: كيف استغلت طهران أزمات المنطقة لتحقيق أهدافها النووية؟ (2-4)
هل تمتلك إيران القنبلة النووية بالفعل؟ مؤشرات ميدانية وتفسيرات استخباراتية تثير الشكوك (3-4)
منشآت نووية تحت الجبال وبرنامج موازي .. إيران والسيناريو الباكستاني «انشطارية أم هيدروجينية؟» (4-4)