الحوثيين تحت نيران واشنطن...أين تتجه الأزمة اليمنية ؟

بولاية ترامب الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية في الأول من يناير من العام الجاري أخذ التصعيد العسكري في موجته الثانية الذي شن في منتصف مارس الماضي ضد الحوثيين أكثر صرامة وعنفًا
بعد أن اخفقت الجولة الأولى بولاية الرئيس السابق جو بايدن في تحقيق أهدافها و إجبار الحوثيين بالتوقف عن استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر بحسب تصريحات ترامب التي أدلى بها لحظة اعتلاءه سدة السلطة وقال إن استمرار الحوثيين في إبقاء الملاحة البحرية الدولية غير آمنة في وقت تجبر السفن التجارية على سلك مسارٍ بحريٍ بعيدًا عن البحر الأحمر ومكلفًا؛
مردفًا" إن ذاك الوضع لن يبقى كثيرًا" وهو ما ترجمه موجهًا باستخدام القوة المميتة ضد الحوثيين في الجولة الثانية من الغارات
هل توقف الحوثيين؟
في الساعات الأخيرة من مساء السبت 15 من مارس الماضي بدأت الحملة العسكرية لواشنطن والتي أطلق عليها الرئيس ترامب "الفارس الخشن" بضرب أهداف عسكرية ومخزن أسلحة وصواريخ للحوثيين في العاصمة صنعاء وهي الأخيرة التي شهدت ما لا يقل عن 40 غارة عنيفة في اليوم الأولى من الهجوم وأعلن البنتاغون حينذاك باستمرار العملية إلى أسابيع أو أشهر لتستدير المقاتلات ذاتها وبشكل يومي بشن سلسلة من الغارات على عدة محافظات تحت سيطرة الحوثيين قالت واشنطن أنها تستهدف منظومة الحوثيين العسكرية
ومع دخول العملية الأمريكية ضد الحوثيين شهر ونصف من عمر إنطلاقها على الرغم من خشونتها واستمرارها في ذات الوتيرة حتى الآن بضرب مواقع الحوثيين في عموم المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم بالتزامن مع دفع الحوثيين فاتورة كبيرة إثر الضربات المركزة كما يقول الجيش الأمريكي بالإضافة توقف الحوثيين عن استهداف السفن التجارية نسبيًا والاتجاه للاشتباك مع القطع الحربية الأمريكية وضرب أهداف في إسرائيل إلا أن عنف الغارات لم تضع حدًا جذريًا للتهديدات المختلفة التي ينفذها الحوثيين كما تشير الوقائع على الأرض،
الأمر الذي يضع عدة تساؤلات عن النتائج التي حققتها الحملة العسكرية ضد الحوثيين حتى اللحظة؟ وهل اليمن على شفا مرحلة جديدة من الصراع الذي أخذ بعدًا دوليًا؟ وما مصير الوعد الذي قطعه ترامب بأنه سيستخدم القوة " الساحقة والمميتة" ضد الحوثيين؟
في هذا السياق يرى المحلل السياسي والاستراتيجي علي الذهب أن الضربات الأمريكية على جماعة الحوثي تشير إلى أن واشنطن تفكر باستخدام وسائل متعددة لتوقيف تهديد الحوثيين وفقًا لعدة سيناريوهات تحتل العملية البرية قائمة الوسائل لدى واشنطن باعتبارها عملية كاسحة يتشارك فيها القوات الحكومية مدعومة بالمقاومة الشعبية وتؤازرها أطراف خارجية إقليمية أو دولية بإسنادٍ جوي مكثف؛ أو أنها تمثل ورقة ضغط تجاه إيران في إطار التفاوض الحالي بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران بشأن برنامجها النووي والصواريخ وجماعات العنف المسلحة التي تدعمها إيران، الأمر الذي سيؤدي إلى تقويض قدرات الحوثيين التي تهدد مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ومصالح العالم في البحر الأحمر، وبالتالي ستظل المنطقة "اليمن " بؤرة توتر أو أنها تقاد لعملية سلام غير حقيقية.
تغير قواعد الاشتباك
الهجوم برًا ضد الحوثيين... في الأول من أبريل الجاري كشفت صحيفة " وول ستريت جورنال" عن تنسيق أمريكيًا يمنيًا من الجهات المناهضة للحوثيين طرحت قواعد اشتباك جديدة لمواجهة هجمات الحوثيين من خلال الدخول عبر عملية عسكرية برية تبدأ من جنوب وشرق وغرب اليمن؛ وهو مسارًا جديدًا تراه واشنطن خيارًا اضافيًا إلى جانب العمل الجوي للمقاتلات.
في ذات السياق يقرأ" الذهب" حيثياته قائلاً: إن خيار المواجهة قائم ولكن في إطار ضمانات" تأمينية ولوجستية " تمنحها الولايات المتحدة للأطراف الإقليمية التي ستنخرط في العملية البرية وعلى رأسها المملكة العربية وقد تنخرط فيها الإمارات العربية المتحدة لأسباب تتعلق بأن هاتين الدولتين انخرطتا في الحرب منذ العام 2015م وبوصفهما دولتين داعمتين للحكومة الشرعية إضافة إلى تحمل الولايات المتحدة كلفة الحرب كونها من تدافع عن مصالح العالم ومصالحها وعن وضعها كقوى كبرى.
بالإضافة إلى أن دول الإقليم المنخرطة في الحرب باتت مقتنعة بأن الحوثي غير مهتم بكارثية الحرب، وأنه لا يلقي بالًا أو اهتمامًا لما تخلفه الحرب، فهي جماعة حربية تعيش على الحرب وليس لديها أي مخاوف من استمرار الحرب ولو لعشرات السنين.
السلام والحرب هل يتفقان؟
مع تواتر الأحداث في اليمن والحديث عن ذهب واشنطن إلى تقديم دعمًا جويًا وعسكريًا للحكومة اليمنية في إطار الاستراتيجية الدولية الرامية إلى إنهاء أنشطة الحوثيين على الملاحة البحرية يبقى الواقع مغايرًا لذلك خاصة مع نفي التحالف العربي بقيادة؛ المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة أي انخراط لهما بشأن ما يدور حول عملية برية مرتقبة ضد الحوثيين في وقت تتواصل الجهود الإقليمي ببحث عن مخرج للأزمة اليمنية عبر الحل السياسي.
على هذا الجانب يعتقد الصحفي و المحلل السياسي عبد الواسع الفاتكي بأن المتغيرات الأخيرة والمتمثلة بالضربات العسكرية في اليمن من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في عهد ترامب ومن قبل ذلك في عهد بايدن ضمن تحالف "الإزدهار" ستأجل عملية الجهود التي كانت برعاية الأمم المتحدة وبرعاية مجتمعية، حيث كانت هناك تكهنات بأن هذه الجهود ستثمر لتوقيع تسوية سياسية وكان هناك مؤشرات على وشك أن تبلور وعلى وشك أن يتم التوقيع عليها، لكن المستجدات الطارئة الأخيرة والمتمثلة بتقديم جماعة الحوثي نفسها بأنها ضمن محور المقاومة الذي ترعاه إيران والمساند لطوفان الأقصى وما تلا ذلك من رد فعل سعودي وأمريكي وبريطاني، ورد فعل أمريكي أخير.
يضيف الفاتكي " كل هذه التطورات ستلقي بظلالها على جهود إحلال السلام في اليمن، موضحًا بأن هذا التصعيد الأخير ستستغله جماعة الحوثي بالهروب من أي ضغوطات كانت قد مورست عليها أو ستمارس لإرغامها على الجلوس على طاولة المفاوضات، للتفاوض مع الحكومة الشرعية للخروج بإنهاء الحرب وتسوية سياسية برعاية أممية ومدعومة أيضًا من المجتمع الإقليمي والدولي.
هل تلوح انفراجة ؟
على وقع كل هذه المتغيرات لا يبدو أن اليمن بصددِ انفراجة وشيكة في الوقت الراهن في وقت تبدو المصالح الدولية والإقليمية أكثر تضاربًا في حين تبدو الحكومة الشرعية غير قادرة على استغلال أي فرصة يمنحها الواقع الملتهب للتخلص من خصمها "الحوثيين" دون موافقة إقليمية.
كما يتحدث الذهب مشيرًا" بأن قرار الحكومة الشرعية ليس بيدها وإنما مرهون بتوافقات إقليمة ودولية مبينًا بأن الملف اليمني لم يعد ملفا يمنيًا خالصًا خاصة بعد التصعيد الأخير من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وأيضًا الصراع الدائر الآن بين واشنطن وجماعة الحوثي من جهة وبين طهران وواشنطن من جهة آخرى مستطردًا في حديثه تخشى الحكومة الشرعية من التداعيات التي ستبقين إقدامها على عملية عسكرية دون موافقة إقليمية ودولية لأن ذلك من المحتمل أن يعرضها لضغوط توقفها عند حد معين، ومن ثم فإن الحكومة الشرعية لا تريد أن تقدم على هذه الخطوة وتتعرض لخذلان كبير أو تتعرض لضغوط كبيرة تجعلها تقف عند نقطة معينة، الأمر الذي سيمنح جماعة الحوثي نصرًا كبيرًا جدًا، وسيجعل موقف الحكومة الشرعية حرجًا جدًا، وبالتالي هي تريد أن تضمن الموقف الإقليمي والدولي ومن ثم ستقوم بالتقدم في الميدان وتحرير بقية المناطق..