المشهد اليمني

الحوثيون يركزون على جبهات مارب بحثاً عن تعويض استراتيجي وتعزيز نفوذهم في اليمن

الأحد 27 أبريل 2025 03:10 صـ 29 شوال 1446 هـ
ارشيفية
ارشيفية

كشف الباحث السياسي المختص بالشأن اليمني، علي الذهب، عن تركيز جماعة الحوثيين بشكل مكثف على جبهات محافظة مارب، مؤكداً أن الجماعة تسعى للسيطرة على المدينة كمنفذ استراتيجي نحو مناطق الغاز والنفط في محافظتي شبوة وحضرموت.

وأوضح الذهب أن الحوثيين يعتبرون السيطرة على مارب خطوة محورية لتعزيز قوتهم الاقتصادية والعسكرية، خاصة بعد التراجعات التي تعرضوا لها في الساحل الغربي، لا سيما في الحديدة، حيث تضعضعت قدراتهم الدفاعية نتيجة الضغوط العسكرية المستمرة.

وأشار الذهب إلى أن إسقاط مارب لن يكون له قيمة استراتيجية بالنسبة للحوثيين إذا لم يتمكنوا من تحقيق تقدم مستدام واستخدامها كنقطة انطلاق نحو المناطق الغنية بالموارد الطبيعية في الجنوب الشرقي لليمن.

وأشار إلى أن الجماعة تعمل حالياً على تكثيف عملياتها العسكرية في جبهات مارب لإجهاض أي سيناريو قد يؤدي إلى إضعاف سيطرتهم أو عرقلة تقدمهم، معرباً عن اعتقاده بأن معركة مارب تمثل اختباراً حاسماً لقدرات الحوثيين في إدارة الصراع وتحقيق أهدافهم الاستراتيجية.

أهمية مارب: مركز الاقتصاد والسياسة

تُعد محافظة مارب واحدة من أهم المحافظات اليمنية، ليس فقط بسبب موقعها الاستراتيجي، بل أيضاً لما تمتلكه من ثروات طبيعية هائلة، بما في ذلك حقول النفط والغاز الطبيعي.

وتُعتبر المدينة المعقل الأخير للحكومة الشرعية في الشمال، حيث تضم آلاف النازحين الذين فروا من مناطق سيطرة الحوثيين منذ بدء الصراع. ويؤكد مراقبون أن السيطرة على مارب ستمنح الحوثيين دفعة كبيرة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، مما يعزز نفوذهم في أي مفاوضات مستقبلية لإنهاء الحرب.

وفي هذا السياق، أكد الذهب أن الحوثيين يرون في السيطرة على مارب تعويضاً عن الخسائر التي تكبدوها في مناطق أخرى، خصوصاً في الحديدة، حيث تعرضت قواتهم لضربات موجعة خلال الأشهر الماضية.

وتشير التقارير الميدانية إلى تصاعد وتيرة القتال في جبهات مارب، مع استمرار الحوثيين في شن هجمات متكررة على مواقع القوات الحكومية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في محاولة لكسر خطوط الدفاع الأمامية.

تصاعد المواجهات العسكرية

تتزامن هذه التطورات مع تصاعد المواجهات العسكرية في مختلف جبهات مارب، حيث تشهد المنطقة اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش الوطني اليمني مدعومة بالمقاومة الشعبية، وبين الحوثيين الذين يعتمدون على تكتيكات الحرب البرية والقصف المدفعي والصاروخي.

وتشير المصادر الميدانية إلى أن الحوثيين يستخدمون أسلحة ثقيلة ومسيّرات متفجرة في محاولاتهم المستمرة لتحقيق اختراقات ميدانية.

ويرى محللون أن معركة مارب ليست مجرد صراع على الأرض، بل هي معركة وجودية لكل من الحكومة الشرعية والحوثيين.

ففي الوقت الذي تعتبر فيه مارب آخر معاقل الحكومة الشرعية في الشمال، فإن خسارتها ستكون ضربة قاصمة للشرعية، وستمنح الحوثيين زخماً كبيراً في التفاوض بشأن مستقبل اليمن.

وفي المقابل، فإن صمود القوات الحكومية وتمكنها من إحباط الهجمات الحوثية قد يعيد ترتيب موازين القوى على الأرض، ويضع ضغطاً إضافياً على الحوثيين الذين يواجهون تحديات متزايدة في المناطق التي يسيطرون عليها.

تداعيات إنسانية وأبعاد سياسية

على الرغم من الأبعاد العسكرية والاستراتيجية لمعركة مارب، إلا أن هناك تداعيات إنسانية كبيرة تلوح في الأفق. فمع تصاعد القتال، يواجه عشرات الآلاف من المدنيين مخاطر متزايدة، سواء بسبب القصف العشوائي أو نقص الغذاء والمياه والدواء.

وقد حذرت المنظمات الإنسانية الدولية من أن استمرار المعارك في مارب قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، خاصة مع وجود أكثر من مليوني نازح في المحافظة.

وعلى الصعيد السياسي، يرى مراقبون أن السيطرة على مارب قد تؤثر بشكل مباشر على الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الحرب في اليمن.

ففي الوقت الذي تدعو فيه الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية والدولية إلى وقف إطلاق النار والجلوس إلى طاولة المفاوضات، فإن أي تقدم ميداني كبير لأي طرف قد يعقد المشهد السياسي، ويجعل الوصول إلى حل سياسي أمراً أكثر صعوبة.

في ظل هذه التطورات، يبدو أن معركة مارب ستظل واحدة من أبرز الجبهات الحاسمة في الصراع اليمني، حيث تتداخل فيها الأبعاد العسكرية والاقتصادية والإنسانية.

وبينما يواصل الحوثيون محاولاتهم للسيطرة على المدينة، تبقى التحديات كبيرة أمام القوات الحكومية وحلفائها في صد الهجمات والحفاظ على خطوط الدفاع.

ويبقى السؤال المطروح: هل سيتمكن الحوثيون من تحقيق أهدافهم في مارب؟ أم أن القوات الحكومية ستتمكن من إحباط مخططاتهم والصمود في وجه الهجمات المت