المشهد اليمني
الخميس 19 سبتمبر 2024 03:59 صـ 16 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل

الحوثيون والتجارة والصناعة وميناء الحديدة

عبدالقادر الجنيد
عبدالقادر الجنيد

عبدالقادر الجنيد
***

خبران يوم أمس:
١- إعلان الحوثيين أن البواخر التجارية أصبحت تدخل ميناء الحديدة بدون احتجاز أو تفتيش أو تأخير وبدون ترخيص من السعودية أو الأمم المتحدة حسب آلية "الأونفيم".

٢- إعلان الغرف التجارية في عدن أن البضاعة والتجارة التي كانت تدخل اليمن عبر ميناء عدن قد حولت وجهتها إلى ميناء الحديدة.

هذه التطورات في غاية الأهمية وستغير الكثير من المعادلات.
هذا يغير كل شيئ في عملية توسع إيران داخل اليمن واعتماد النموذج الإيراني في التجارة والاقتصاد وفي تدعيم حكم عبد الملك الحوثي.

استيلاء الحوثي على عملية الاستيراد والتجارة والنتائج المترتبة عليه، هو موضوعنا اليوم.

**
أولا: تغيير المعادلات
**
أكبر مثل على ما يسمى بتغيير المعادلات هو تدخل الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية لضرب أعماق الإمارات والسعودية النفطية والمدنية.

نستطيع أن نقول أن الطائرات المسيرة الإيرانية غيرت المعادلة وهي التي أدت لانسحاب الإمارات والسعودية من العمليات الحربية داخل اليمن.
وهو الذي- ضمن عوامل أخرى داخلية يمنية وخارجية سعودية وإماراتية- تسبب بانكفاء واكتفاء جيش الشرعية اليمنية بالدفاع في تعز ومارب وعدم القيام بأي هجوم منذ عام ٢٠١٩.

دخول بواخر "التجارة الحوثية"، ستغير المعادلات أكثر مما غيرتها الطائرات المسيرة الإيرانية.

**
ثانيا: أغنياء حرب صعدة
**

استيلاء الحوثي على الاستيراد عبر ميناء الحديدة سينتج عنه قوة وازدهار للمرشد العام عبد الملك الحوثي شخصيا ومن بعده الطائفة السلالية من أبناء محافظة صعدة ثم الطائفة السلالية في صنعاء ثم الحركة الحوثية بصفة عامة لإحكام سيطرتها على كل الأراضي والسكان الواقعين تحت حكمه وتسخيرهم للانقضاض على ما تبقى من الشمال وكل الجنوب.

هناك طبقة تنظيمية واجتماعية وسياسية ومالية وعقارية وعسكرية وعنصرية "صعداوية" جديدة واضحة في اليمن.

إنهم السلاليون الهاشميون من أهل الحوثي ومن أهل صعدة: "المجاهدون".

وكلهم مليونيرات وقطط سمان.

وهم يزيحون ويترفعون ويستكبرون على كل ما عداهم حتى السلاليين الهاشمين من أهل صنعاء الذين كانوا الأرفع مكانة:
"منظري الطيرمانات".

ولكن عائلة الحوثي وباقي الهاشميين الصعداويين، يستعملون هاشميي صنعاء كما يستعملون غيرهم من الهاشميين فئات الدرجة الثالثة والرابعة والخامسة وصولا لنشادين المدائح النبوية وكاتبي "الشخاطط" والأسحار في تعز والمشعوذين والمتصوفين في بقية اليمن.

**
ثالثا: نموذج الحرس الثوري الإيراني
**

إيران- أيام قاسم سليماني- ابتكرت نسخا طائفية مماثلة لها في البلدان التي اخترقتها.

النسخة الحوثية من ابتكارات وتوسعات الحرس الثوري الإيراني، هي الأقرب لها والأكثر شبها منها مقارنة بمثيلاتها في حزب الله لبنان والعلويين في سوريا والحشد الشعبي في العراق.

عبد الملك الحوثي، لا يطمح بأن يكون حسن نصر الله في بيروت أو بشار الأسد في دمشق أو دُمى قادة الحشد الشعبي في بغداد.

عبد الملك الحوثي، لا يطمع بإعادة الإمامة والملكية لليمن.

عبد الملك الحوثي، يسمي نفسه "قائد المسيرة القرآنية" ويطمع أو يطمح بأن يكون نسخة طبق الأصل من "آية الله" المرشد العام الآمر الناهي في إيران على رأس جمهورية إسلامية ثورية.

عبد الملك الحوثي، سيكون أقوى حتى من آية الله الإيراني.

آية الله الإيراني، يتكئ ويستند ويحتمي بالحرس الثوري الإيراني والذي سيخلفه سيكون مجرد آية الله أخرى بعمامة سوداء ونسب "هاشمي" إيراني؛
ولكن الذي سيخلف عبد الملك الحوثي سيكون أحد أفراد أسرته من أغنياء الحرب الميليشياويين "المجاهدين" الهاشميين الصعداويين.

**
رابعا: فرحة الحوثي بميناء الحديدة
**

كبار أغنياء الحرب الهاشميين الصعداويين قد معهم مئات المليارات من الريالات والدولارات والعقارات، وهم يسكنون في ڤلل وقصور داخل صنعاء قيمتها ملايين من الدولارات.

لا يعوز الحوثيين رأس المال ليستوردوا هم بأنفسهم كل ما تحتاجه السوق اليمنية من سلع أساسية أو ما يريدونه هم أنفسهم من كماليات.

وهناك ميزات وتمييز.
تراخيص الاستيراد بأيدي الحوثيين وتأمين انتقال البضائع بأيديهم وحصرية مشتروات الحكومة والجيش بأيديهم والتهريب بأيديهم وكل أمور السماح بالمتاجرة عن طريق التمييز ومنح الامتيازات، هو حصريا بأيديهم.

الققط السمان الهاشمية الصعداوية، ستزيح كل التجار ورجال الأعمال وكل المستوردين كما تمت إزاحة أباطرة تجارة النفط المستوردين أو تجار النفط بالتجزئة أو السوق السوداء لصالح قيادات حوثية من داخل الأسرة.

وستمنح الأولوية لتدفق منتجات وبضائع إيران وربما سوريا ولبنان إلى التجار الحوثيين في اليمن.

لقد طعموا الحالي… ومن طعم الحالي دندل مشفره"

**
خامسا: استيلاء الحوثي على المصانع
**

بعد التجارة، سيلتفت الحوثي للصناعة.

الحوثي، يبتز- الآن- المصانع ورجال الصناعة في اليمن.

المسألة مسألة وقت وسيقضي الحوثي بعدها على كل الصناعيين اليمنيين الحاليين.

ودور الحرس الثوري الإيراني، في التجارة والصناعة والسوق السوداء والتهريب، نموذج يغري الحوثيين بالتقليد.

حرس ثوري إيران، يتاجر في كل شيئ وينتج السلع الاستهلاكية ويمتلك حصريا ما يعادل ثلثي الإنتاج القومي GDP في إيران ويقوم حتى بالتصنيع الحربي وانتاج الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة والأبحاث والصناعات النووية.
٠
والإيرانيون جاهزون ومتشوقون لاختراق اليمن وسيقومون ببناء الإمبراطورية الصناعية الحوثية وفتح اليمن كسوق للمنتجات الإيرانية.

وعندها سيتم إزاحة مراكز الصناعة وسلاسل التسويق في تعز والحديدة، وإحلال محلها مصانع مشابهة لمنتجاتها مع منحها ميزات وتمييز في الترخيص والاستيراد والضرائب والجمارك والكوادر التي يمكن استجلابها من لبنان أو إيران.

استيلاء الحوثيين على المصانع أو الصناعة، هي الخطوة التي ستلي الاستيلاء على التجارة والاستيراد.

**
سادسا: ماذا عن رئاسة اليمن والإمارات والسعودية؟
**

رئاسة اليمن- سواء الرئيس هادي أو الرئيس العليمي- قد تم إضعافهم بسياسات التحالف والمجلس الانتقالي.

وأصبحت عدن طاردة لليمنيين.

من يصدق أن الحوثيين العنصريين القمعيين جعلوا من صنعاء مكانا أكثر جاذبية لليمنيين من عدن!؟

وتم إطفاء أي بصيص أمل لازدهار عدن.

عدن، كانت هي الأمل الوحيد لتجميع قوى الشرعية والوحدة وتحرير اليمن ولكن قد تم وأد وإنهاء كل من هو مستثمر أو شرعي أو وحدوي أو راغب بتحرير اليمن داخل عدن.

المجلس الانتقالي، يستولي على دخل جمارك ميناء عدن.

عدن، قد يختفي دورها كمركز تجاري نابض لليمن.

المجلس الانتقالي الجنوبي، قد طفَّش اليمنيين العاديين والتجار والمستثمرين تحت إسم أنهم "طابور وحدوي خامس" يعيق انفصال الجنوب، كما طفشتهم الشيوعية بعد خروج الاحتلال البريطاني من عدن تحت مسمى أنهم "كومبرادوريين" متطفلين على الاقتصاد.

هل يستطيع الرئيس رشاد العليمي والمجلس الرئاسي والسعودية والإمارات القيام بالعناية المركزة لمدينة وميناء عدن لتنتعش من جديد؟

**
سابعا: السلام التفاوضي الأمريكي
**

أمريكا، تقول أن حل أزمة اليمن لن يكون إلا بحل سياسي تفاوضي.

أي كلام أمريكي، بشأن اليمن، هو أكبر تخريف وعدم فهم لما يجري ويدور في اليمن.

كان هذا الإدعاء الأمريكي، يواجه عوائق الميليشيا الحوثية، والعصبيات الحوثية الثلاثة: السلالية والقبلية والمناطقية، والتوسع العسكري الإيراني المحموم.

ثم جاءت التجارة والصناعة الحوثية.

والآن يجب إضافة عائق أكبر للسلام، وهو:

"القطط السمان الحوثية الهاشمية الصعداوية"

١٥ فبراير ٢٠٢٣