الإثنين 21 أبريل 2025 03:02 صـ 23 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

ثاني العيد أجمل من يوم العيد و يتسم بالبهجة

السبت 22 أبريل 2023 07:00 مـ 2 شوال 1444 هـ
محمد دبوان المياحي
محمد دبوان المياحي

ثاني العيد أجمل من يوم العيد ولا تسألني لماذا..؟ يبدو لي الأمر أشبه برسالة كونية للإنسان. ليس عليك أن تنظر للسعادة كهدف، السعادة ليست هناك، ليست شيئًا تذهب لتجده في توقيت ما، في مكان ما في إنجاز ما. السعادة ناتج عرضيّ للحياة الطيبة والحكيمة. عليك أن تصحو كي تحيا على نحو طيّب، تبذل كل ما بوسعك لهذا العالم، ثم ستجد السعادة تشع من حياتك بذاتها. تأتيك البهجة من كل الجهات حين لا تكون مُركِّزا بصرك عليها.
البهجةُ فن، والفن يبلغ مستوى الكمال كلما كان غير مباشر، البهجة مجاز، متوارية ومنزلقة، كل شيء ولا شيء، لهذا قد تجدها ثاني العيد أكثر من يوم العيد، وهذا دليلُ ثانٍ أن البهجة لا تأتيك بشكل قصدي. إنها بطبيعتها، غامضة وهاربة، لا تذهب إليها ؛ فتُفسدها. دعها تفيض حولك بالضربات المائلة، هكذا تلتقطها في الأحراش والقنوات الموازية أكثر مما تصادفها في المحطات الرسمية.
حسنًا، لا علاقة للهموم بالتعاسة، كما أن خلو الحياة من المقلقات؛ ليست شرطًا للبهجة. فالسعادة أمر ذهني، هي من نصيب الأذهان المرحة، نفوس لديها نزعة نحو كل ما هو بهيج، حتى لو كُنت مُحاط بألف هم. بمقدورك أن تحوز لحظات من الهناء الداخلي، لمجرد أنك تعيش بدوافع طيبة وسلوكك يتسم بالنُبل. هناك شفرة وخيط رفيع في الحياة، نمط عيش، لو اكتشفه الإنسان، لتمكن من منافسة أعظم المتصوفة والفلاسفة الكبار، أولئك الذين أدركوا جوهر الوجود، وباتوا يعيشون بنفوس محصّنة من التعاسة. مزاج منتبه، يُتقن امتصاص الحياة، سعادة نابعة من تصورهم الصافي للحياة، هادئ ومتدفق ولو اضطرب العالم كله حولهم، لما تزعزعت نفوسهم.
وزعوا البهجة على كل من حولكم، تتمدد مباهج الحياة، كلما تقاسمتها مع الأخرين، ما تتركه في قلب أحدهم ينعكس عليك ويضاعف من تفتّحك الداخلي. ابتهجوا يا رفاق، ابتهجوا بكل شيء. لا يوجد أي مكسب في القنوط. أؤمن أن المرء يبلغ ذروة الحكمة حين يبتهج بكل شيء، حين يبتهج حتى باللاشيء.