• الرئيسية
• المشهد الدولي

سكة حديد أنقرة دمشق: قطار السياسة والتجارة ينطلق من جديد عبر سوريا.. تركيا تعيد تشغيل خطوط حديد الحجاز وتستثمر في قلب سوريا بعد سقوط نظام الأسد.

في مشهد يعيد رسم الجغرافيا السياسية والاقتصادية للمنطقة، أطلقت تركيا مشروعًا استراتيجيًا لربط أراضيها بالعاصمة السورية دمشق عبر خط سكة حديد قديم يعود تاريخه إلى عهد الدولة العثمانية، في خطوة تهدف إلى تعزيز التبادل التجاري، تسريع إعادة إعمار سوريا، وترسيخ النفوذ التركي في بلاد الشام.

من إكبس إلى دمشق: خارطة جديدة للربط الاقتصادي

نقطة الانطلاق ستكون من ساحة "إكبس" الحدودية في تركيا، ليمتد الخط مرورًا بحلب، ثم إلى دمشق، مستعيدًا أجزاءً من خط سكة حديد الحجاز التاريخي. هذا المشروع، الذي تُقدّر تكلفة إصلاحه بما بين 50 إلى 60 مليون يورو، سيُموّل عبر التمويل الدولي والاستثمارات الخاصة.

السكك الحديدية كانت قد توقفت كليًا منذ عام 2011 بفعل الحرب، إلا أن تركيا ترى الآن فرصة لإحياءها مع بداية تعافي سوريا، إعادة تشغيل الخط يعني خفض تكاليف الشحن، وتوفير منفذ رئيسي لوصول مواد البناء والمساعدات إلى المناطق المنكوبة.

المصالح التركية تتجاوز الإعمار

التحركات التركية في سوريا لا تقتصر على الجانب الإنساني أو التجاري فحسب، بل تأتي ضمن استراتيجية جيوسياسية شاملة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، تحرك الرئيس رجب طيب أردوغان لإصدار أوامر بإعادة تأهيل البنية التحتية، وبحث التعاون العسكري المشترك، وصولاً إلى إنشاء قواعد جوية تركية في وسط سوريا وتدريب الجيش السوري الجديد.

التكامل مع "طريق التنمية": تركيا والعراق والخليج على المسار نفسه

المشروع السوري يُعد جزءًا من مشروع أكبر يربط تركيا بالعراق عبر ما يُعرف بـ"طريق التنمية"، والذي يمتد من ميناء الفاو في الخليج العربي إلى الأراضي التركية، ليتحول العراق إلى مركز لوجستي إقليمي، وقد وقعت كل من تركيا، العراق، قطر، والإمارات مذكرة تفاهم لتنفيذ هذا المشروع الطموح الذي سيعيد تشكيل التجارة في الشرق الأوسط.

تركيا تسعى لأن تصبح همزة الوصل بين آسيا وأوروبا، وسوريا قد تكون جسر العبور السياسي والاقتصادي الذي تنتظره أنقرة.

سوريا ما بعد الحرب: هل تصبح مركزًا للتجارة الإقليمية؟

مع بداية مرحلة التعافي ما بعد الحرب، تسعى سوريا إلى إعادة تموضعها اقتصاديًا، ليس فقط كدولة خارجة من صراع طويل، بل كجزء فاعل في شبكات التجارة الإقليمية؛ المشروع التركي يُعيد إلى الأذهان صورة سوريا كممر تجاري يربط الخليج بأوروبا، ويعزز من موقعها الجغرافي الإستراتيجي.

المواقع التي سيمر بها خط السكك الحديدية الجديد، من ريف عفرين إلى دمشق، تمثل أوردة النقل الحيوي التي لطالما كانت مستهدفة بالحروب، لكنها اليوم تعود لتكون شرايين للإعمار والنمو.

فرص اقتصادية تركية ضخمة

رغم التحديات المالية التي تواجهها أنقرة، إلا أن شركات البناء التركية تعتبر الأكثر استعدادًا للاستفادة من إعادة إعمار سوريا، خاصة أن الكثير منها يملك خبرة طويلة في العمل داخل المناطق الشمالية من البلاد، ارتفاع أسهم هذه الشركات بعد الأنباء عن سقوط النظام السوري يعكس حجم التوقعات حول الفرص الاستثمارية القادمة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشاركة في إعادة بناء المطارات، الطرق، ومحطات النقل داخل سوريا تُعد استثمارًا طويل الأمد في نفوذ تركيا الاقتصادي في المنطقة.

شراكات دولية مرتقبة

في ظل الحديث عن مشاريع إقليمية عملاقة، من المتوقع أن تنخرط مؤسسات مالية دولية في تمويل هذه الخطوط، خاصة مع انخراط دول الخليج في مشاريع الربط، وهو ما يُعزز احتمال أن تتحول سوريا إلى نقطة وصل حيوية بين تركيا، العراق، والخليج.

كما تسعى أنقرة لاستقطاب دعم دولي لمشروع السكة، خاصة من الدول الأوروبية التي ترى في استقرار سوريا مدخلاً مهمًا للحد من الهجرة وتحقيق الاستقرار الأمني.

تركيا تتحرك بخطة استراتيجية لإعادة سوريا إلى الخريطة الاقتصادية، عبر مشاريع سكك الحديد والموانئ والبنية التحتية، لتكون جزءًا من تحالف اقتصادي جديد في المنطقة، ما بين أهداف سياسية وأطماع اقتصادية، ترسم أنقرة مستقبلًا تريد من خلاله أن تكون اللاعب الأبرز في مشهد ما بعد الحرب السورية.

سكة حديد أنقرة دمشق، مشروع إكبس، خط حديد الحجاز، إعادة إعمار سوريا، تركيا وسوريا، أردوغان سوريا، طريق التنمية العراق، ميناء الفاو، التجارة الإقليمية، سكك الحديد في الشرق الأوسط، النفوذ التركي في سوريا، مشاريع البنية التحتية، إعادة تأهيل حلب ودمشق، العلاقات التركية السورية، الجغرافيا السياسية في الشام، الربط الاقتصادي في الشرق الأوسط