الأحد 27 أبريل 2025 05:55 صـ 29 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

الهوية الوطنية اليمنية... درعنا الواقي من التشتت والانقسام

الأحد 27 أبريل 2025 12:12 صـ 28 شوال 1446 هـ
هزاع البيل
هزاع البيل

في خضم الصراعات الحوثية العبثية التي نشهدها في اليمن، وعقب سنواتٍ من التشتت والانقسام وحربٍ مزقت كل جميل في وطننا، تتجلى الحقيقة أمامنا بأن التمسك بما تبقى من جذور هويتنا هو سبيلنا للمّ الشّتات، واستعادة دولة كانت حاضنة وجامعة لكل أبنائها.
خلال العشر سنوات الماضية، دفعت اليمن ثمن انهيار المعايير الوطنية، وتَقدُّم الهوية الطائفية التي تنادي بها ميلشيا الحوثي على حساب الهوية الكبرى، فقد رأينا كيف تحولت البلاد إلى ساحات مفتوحة لمشاريع سلالية ومناطقية قد مزّقت النسيج الاجتماعي وأفرغت مفاهيم الدولة من مضمونها، لتحل محلها خطاب الكراهية والصراع على النفوذ.
ما نتحدث عنه هو هويتنا التي تمثل امتدادنا التاريخي والحضاري والجغرافي العريق، والتي ضمّت عبر قرون طويلة أطيافًا كثيرة اتفقت على التعايش في ظل ثقافة جامعة وهوية ضاربة في عمق الأرض والتاريخ، نجدها اليوم تحت تهديد زحف ميليشيا تسعى لتغيير كل ما عرفناه وتحويله ليتناسب مع مشروعٍ دموي مضمونه التمزق والفوضى.
كشفت لنا الحرب وما أنتجت من انقسامٍ وتشظي بأن الهوية الوطنية ليست اختيارًا بل ضرورة وجودية، ولولا غيابها وتراجعها، لما تجرّأت القيادات الحوثية على تحويل مؤسسات الدولة إلى مراكز سلطة لها، والمواطنين إلى رعايا وتابعين.
نحن اليوم أمام فرصة تاريخية تسمح لنا بتحقيق السلام والاستقرار، وبناء المستقبل لشبابنا بعيدًا عن وهم الصمود والمقاومة، نحن من نصنع الفارق ونحن صوت العقل ونبض هذا الوطن وبناةُ الغد الذي نحلم فيه.
إن التمسك بالهوية اليمنية لا يعني تهميش التنوع بل العكس تمامًا، فهو يُعيد لهذا التنوع اعتباره ضمن إطار جامع بعيد عن العصبية أو الامتياز الوراثي، وفي النهاية لا يمكن بناء دولة حديثة على ركام المشاريع السلالية، فاليمن الذي نريده لا بد أن يعود لهويته الجامعة، التي ترفع من قيمة الإنسان وتستند إلى المواطنة المتساوية وتحترم التنوع وتكفل الحقوق، وتبني مؤسساتها على الكفاءة لا على الانتماء وعلى القانون لا على الولاء.