الأربعاء 16 أبريل 2025 05:20 صـ 18 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

تحذيرات من تجاهل الاحتجاجات الشعبية في حضرموت: هل يُعيد التاريخ نفسه؟

الأحد 13 أبريل 2025 01:56 صـ 15 شوال 1446 هـ
اجتماع حلف قبائل حضرموت
اجتماع حلف قبائل حضرموت

حذر الكاتب والصحفي اليمني البارز فتحي بن لزرق من خطورة تجاهل الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في محافظة حضرموت، معتبرًا أن هذا التجاهل يعيد إلى الأذهان "أخطاء الماضي" التي ارتكبتها النخب السياسية خلال السنوات الأولى لظهور الحراك الجنوبي في عام 2007. وفي تعليق صريح ومباشر، أشار بن لزرق إلى أن التعامل مع هذه الاحتجاجات بوصفها مجرد ظاهرة عابرة قد يؤدي إلى نتائج كارثية، مشددًا على ضرورة الإنصات إلى مطالب المحتجين ومعالجة الأسباب الجذرية وراء غضبهم.

استعادة ذاكرة الماضي

استذكر بن لزرق كيف أن النظام السياسي آنذاك، بقيادة الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، تعامل مع بدايات الحراك الجنوبي بتعنت واستهتار، حيث سارع المقربون من السلطة إلى التقليل من شأن تلك التحركات الشعبية، واصفين المشاركين فيها بأنهم "شرذمة قليلة لا تمثل سوى نفسها". ولفت إلى أن هذا النهج لم يكن إلا تغطية على إخفاق النظام في فهم أبعاد الأزمة التي كانت تتشكل تدريجيًا في الجنوب، والتي تحولت فيما بعد إلى حراك سياسي واسع النطاق.

وأكد بن لزرق أنه لو أن النظام آنذاك أبدى استعدادًا للإصغاء إلى صوت الشارع الجنوبي، واستجاب ولو جزئيًا لمطالبه المشروعة، لربما كان بوسعه تدارك الانفجار القادم الذي أدى إلى تصاعد التوترات وزعزعة الاستقرار في البلاد. وقال: "لقد كانت هناك فرص لإصلاح الأمور، لكن العناد السياسي والتعالي على مطالب الناس أغلق كل الأبواب أمام الحلول السلمية".

إعادة الكرّة: نفس الأخطاء مع مظاهرات حضرموت

انتقد بن لزرق بشدة ما وصفه بـ "إعادة الكرّة" من قبل أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي، الذين يتعاملون مع الاحتجاجات الحالية في حضرموت بنفس النهج الذي اتبعه النظام السابق. وأشار إلى أن هؤلاء يصفون المحتجين بأنهم "مجموعة صغيرة لا تمثل سوى نفسها"، في حين أن الواقع يؤكد أن رقعة الغضب الشعبي تتسع يومًا بعد يوم، وأن هذه الاحتجاجات تعكس حالة من الإحباط العميق لدى المواطنين بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية والخدمية.

وقال بن لزرق: "من المؤسف أننا نرى اليوم نفس الأساليب القديمة تُستخدم في التعامل مع مطالب الناس. هناك محاولات مستمرة لشيطنة المحتجين وتبرير تجاهل مطالبهم، وكأنهم يعتقدون أن هذه السياسة ستؤتي ثمارها. لكن التجربة تثبت أن شيطنة الأصوات المعارضة لا تُسكت الوجع، بل تؤجّجه".

دعوة للتعاطي العقلاني

شدد بن لزرق على أن الخيار العقلاني الوحيد المتاح أمام المسؤولين اليوم هو الإنصات بجدية لمطالب المحتجين والعمل على معالجتها بشكل فوري. وأكد أن التأخير في الاستجابة لهذه المطالب لن يؤدي إلا إلى تفاقم الأوضاع، مشيرًا إلى أن اليمن لا تملك رفاهية الوقت في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.

وأضاف: "الإنصات لمطالب المحتجين والتعاطي معها بجدية ليس خيارًا ترفًا، بل هو ضرورة ملحة يجب أن تُتخذ اليوم، وليس غدًا. لأن غدًا قد يكون متأخرًا جدًا".

رسالة تحذيرية

اختتم بن لزرق تعليقه بالتعبير عن أسفه الشديد لما وصفه بـ "إصرار الساسة اليمنيين على إعادة إنتاج أخطاء الماضي". وقال: "للأسف، يبدو أن اليمن هو البلد الوحيد الذي يُصر ساسته على السير بثقة نحو ذات الهاوية التي سقط فيها غيرهم. وإذا استمر الحال على ما هو عليه، فإن المستقبل سيكون أكثر قتامة مما نتخيل".

خلاصة

تحذيرات فتحي بن لزرق تأتي في وقت حساس للغاية، حيث تتصاعد الاحتجاجات الشعبية في حضرموت نتيجة تدهور الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء والمياه، وتفاقم الأزمات الاقتصادية. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الضروري أن يدرك المسؤولون أن التجاهل أو التقليل من شأن هذه الاحتجاجات لن يؤدي إلا إلى المزيد من الاحتقان، وأن الحل يكمن في الحوار الجاد والاستجابة للمطالب المشروعة قبل فوات الأوان.

ختامًا، فإن التاريخ يعلمنا أن الأنظمة التي تفشل في سماع صوت شعوبها غالبًا ما تدفع الثمن باهظًا، ويبقى السؤال: هل سيستفيد المسؤولون في اليمن من هذه الدروس أم أنهم سيكررون نفس الأخطاء مرة أخرى؟

موضوعات متعلقة