الخميس 24 أبريل 2025 09:16 مـ 26 شوال 1446 هـ
المشهد اليمني
رئيس التحرير عبد الرحمن البيل
Embedded Image
×

اليمن.. عقد من النار: كيف انهارت الدولة في صنعاء على يد الحوثيين وتحالف صالح؟

الخميس 24 أبريل 2025 03:31 مـ 26 شوال 1446 هـ
ماك شرقاوي
ماك شرقاوي

في مطلع عام 2011، خرج اليمنيون إلى الشوارع يهتفون بالحرية والكرامة، آملين في إنهاء ثلاثة عقود من حكم الرئيس علي عبد الله صالح. لكن بعد أربع سنوات فقط، كانت صنعاء قد سقطت في قبضة الميليشيات، وعاد صالح إلى المشهد عبر تحالف غير متوقع مع أعدائه السابقين: الحوثيين. كيف تحوّل اليمن من حلم التغيير إلى جحيم الصراع؟ هذه قصته.

منذ توليه السلطة في اليمن الشمالي عام 1978، واجه علي عبد الله صالح العديد من التحديات، غير أن أبرزها كان ظهوره المتكرر كخصمٍ شرس لجماعة الحوثي المسلحة، التي خاض ضدها ستة حروب بين 2004 و2010. كان النظام اليمني يصفهم بأنهم “متمردون ساعون لإعادة الحكم الإمامي”، بينما كانت الجماعة تُعلن “الحق في مواجهة التهميش السياسي والديني”.

لكن الحرب الخامسة (2008–2009) كانت الأشرس، حيث شاركت فيها قوات الحرس الجمهوري بقيادة أحمد علي صالح، واستخدمت الحكومة اليمنية سلاح الطيران بكثافة، في محاولات فاشلة لإخضاع محافظة صعدة. اتُّهمت إيران خلال هذه الحرب بدعم الحوثيين بالسلاح، ما شكل أول مؤشر على تدويل الأزمة اليمنية، وأدى إلى تصعيد حاد في الخطاب الطائفي والسياسي داخل البلاد.

ورغم انتهاء الحرب السادسة دون حسم عسكري، خرج الحوثيون من تلك المواجهات بقدرات قتالية عالية، واستفاد صالح نفسه من تلك الحروب في تعزيز قواته عبر الدعم الخليجي، لا سيما من السعودية.

ثورة شبابية.. وتحالف مع “العدو”
مع انطلاق ثورة الشباب اليمنية في فبراير 2011، اضطُر صالح إلى التنحي بموجب المبادرة الخليجية، التي منحت خصومه السياسيين فرصة للمشاركة في الحكم، ووفّرت له حصانة من الملاحقة القضائية. انتقل عبدربه منصور هادي إلى الحكم كرئيس توافقي، لكنه واجه تحديًا هائلًا في إعادة هيكلة الجيش الممزق، والتعامل مع قوات لا تزال ولاؤها لصالح أو تتبع شخصيات نافذة من حقبة ما قبل الثورة.

في هذه الأثناء، شرع الحوثيون في التمدد ميدانيًا، بدءًا من محاصرة منطقة دماج بصعدة، ثم التوجه نحو محافظة عمران، حيث اصطدموا بعائلة الشيخ عبد الله الأحمر، وتمكنوا من قتل القائد العسكري حميد القشيبي بعد اجتياح معسكر اللواء 310 مدرع.

كان الحوثيون حينها، وفقًا لتقارير عديدة، يتلقون دعمًا ضمنيًا من قوات موالية لصالح، الذي بات يسعى للعودة إلى المشهد من بوابة الانقلاب على الثورة، مستغلًا سخط جزء من الشارع اليمني على أداء حكومة هادي.

سقوط صنعاء والاتفاق الفاشل
في 21 سبتمبر 2014، اجتاح الحوثيون العاصمة صنعاء، مستفيدين من ضعف المؤسسات الأمنية وانقسام الولاءات داخل الجيش. ورغم توقيع اتفاق “السلم والشراكة”، ظل الحوثيون يواصلون الزحف نحو الجنوب، وصولًا إلى عدن، حيث كان الرئيس هادي قد لجأ بعد فراره من الإقامة الجبرية.

اتهمت الحكومة اليمنية علنًا صالح بتسهيل سقوط العاصمة، وتمكين الحوثيين من السيطرة على مؤسسات الدولة، في محاولة للعودة إلى الحكم عبر تحالف انقلاب.

عاصفة الحزم.. التدخل العربي
في 26 مارس 2015، أطلقت السعودية ومعها تحالف عربي يضم الإمارات، البحرين، الكويت، قطر (انسحبت لاحقًا)، السودان، ومصر، عملية “عاصفة الحزم”، استجابة لطلب الرئيس هادي، بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة الدفاع العربي المشترك.

استهدفت العملية استعادة الشرعية، ومنع الحوثيين من السيطرة على كامل البلاد، وقطع الإمدادات الإيرانية عنهم عبر البحر. أعلنت قيادة التحالف حظر الاقتراب من الموانئ اليمنية الكبرى، ونشرت قطعًا بحرية عند باب المندب، فيما شنت مصر عمليات بحرية لحماية مضيق باب المندب وموانئ عدن والمخاء.

وفي البر، خاضت القوات السعودية معارك ضارية على الحدود في نجران وجازان ضد توغل الحوثيين الذين أعلنوا نيتهم “تحرير نجد والحجاز”، كما قال القيادي محمد البخيتي.

معركة الشرعية والرهانات الدولية
ورغم تحرير عدن ومدن أخرى، بقيت صنعاء ومناطق شمالية بيد الحوثيين. ومع ازدياد الضغوط الإنسانية والاقتصادية، ظهرت مبادرات لوقف إطلاق النار، أبرزها الهدنة التي رعتها الأمم المتحدة عام 2022، لكنها لم تُفضِ إلى تسوية سياسية دائمة حتى اليوم.

اليمن اليوم لا يعيش صراعًا داخليًا فقط، بل أصبح ساحة لصراع إقليمي بين السعودية وإيران، ودولي بين الغرب وروسيا والصين، وبيئة خصبة لتنامي الجماعات الإرهابية مثل “القاعدة” و”داعش”. ومع ذلك، تظل نافذة الحل السياسي مفتوحة، إن توفرت الإرادة اليمنية والدولية للخروج من دوامة الدم.

*موقع من أمريكا