١١ فبراير بعد عشر سنوات، ما الحصيلة؟
نقف اليوم وبعد عشر سنوات أمام طرفين لكل واحد منهما درجة كافية من الإقناع ، فأنصار الثورة يؤكدون على سلامة نواياهم ، لكن ثورتهم سرقت كما يقولون . بينما المناوئين يعتقدون أن ١١ فبراير لم يكن سوى دمار وخراب أسقط الدولة .
أمام هذا السؤال ، نحتاج للتقييم لكي نقف على أرض ثابتة حتى نستطيع النهوض من جديد . يقول المفكر العربي أدونيس : ليس الجوهري أن نصنع الثورة ، بل الجوهري كيف نعيشها ونستخدمها .
لا أريد تسفيه أحد هنا أو محاكمة أحد بقدر ما أريد من الطرفين الإجابة على السؤال بالمنطق والتدبر بالعقل وليس بالعناد أو التسفيه .بالتأكيد نحن لسنا مسؤلين بالنوايا مهما كانت طهارتها لأننا بشر نحكم على الظواهر والنتائج وليس على ما تخفيه الصدور .
النتائج واضحة ، خراب شامل وقتل وتشريد وفوضى وسقوط الدولة . والذين كانوا ينادون بالحرية والديمقراطية ، بعد أن سقطت البلاد في مستنقع الكراهية غادروا وتركوها تنتهك وتوحشت فيها الفوضى والكراهية .
وهل نحتاج إلى التأكيد بأن ١١ فبراير لم ينتج سوى القاتل والمقتول ، القاتل والمقتول ، القبور والموت . أريق الدم اليمني على سفوح الجبال والطرقات . أصبح القتل هو القوت اليومي والجوع هو العنوان الرئيسي ، حتى أضحى اليمنيون ينتظرون ما تجود به عليهم الأمم المتحدة .
هل التغيير أن ننقل الناس من الوظيفة إلى البطالة ومن الفقر إلى العدم والجهل ومن الحرية إلى العبودية . كانت اليمن متحكمة بقرارها وثروتها فصارت اليوم بيد غيرها . لم تعد اليمن موجودة على خارطة العالم إلا بوصفها تابعة . كانت الحقوق محفوظة إلى حد كبير فصرنا مالك ومملوك ، سيد وعبد .
ما نعيشه اليوم ليس سوى حرب أهلية . والخاسر الأكبر هو التسامح وتعاظم ثقافة الكراهية والإقصاء . لم نجن سوى الفرقة والانقسام بين أبناء الوطن الواحد . نحتاج اليوم إلى ثورة حقيقية هدفها تعزيز الثقة بين أبناء الشعب ووضع مشروع ثقافي يتصدى للخطاب الطائفي والمناطقي ، ويعزز قيم الإنتماء الوطني .
نستطيع أن نجعل الثورة حقيقية ، خاصة إذا أوقفنا هذا التناسل والتكاثر للدجالين المحرضين على قتل السلام الاجتماعي . وهذا لن يتأتى إلا إذا تخلينا عن أولئك الذين يستوطنون وسائل التواصل الاجتماعي الذين يحتقرون العقل ويشوهوا الحقيقة ، إعتقادا منهم أنهم ينتصرون لأنفسهم لكنهم في الحقيقة هو إنتصار مشبع بروائح الهزيمة.
أخلص إلى القول إن أيا من الطرفين ليس بريئا مما وصلنا إليه ، فالجميع تورطوا في لعبة الانحياز وخانوا الحياد والموضوعية . لذلك دخلوا مؤتمر الحوار الوطني وهم يتربصون ببعضهم البعض لينتصروا من حيث لا يشعرون للمشروع الطائفي في صعدة والمناطقي في عدن . وعلى هذا الأساس نحتاج إلى تأسيس لغة مفاهيمية جديدة ، بأفق معرفي ينتصر للهوية الوطنية ولا يصادر الحق الوطني . ذلك هو الطريق الوحيد لتصحيح فكرة التغيير ويعزز ثقافة التسامح ويسقط ثقافة الكراهية والاحتراب .