ماذا بعد انقلاب الانتقالي على اتفاق الرياض؟
انطلق رعاة اتفاق الرياض من قاعدة حلحلة المشكلة وتفكيكها..وصولاً إلى الحل الوطني الشامل ..
وانطلق الانتقالي من قاعدة تأزيم لمشكلة وتعقيدها وصولاً إلى الحل الذي اختاره هو ومن يقف خلفه..
إعلان الانتقالي لخيار الإدارة الذاتية لا يعني سوى نقل المشكلة إلى أطوار جديدة بحيث يصبح من المتعذر حلها بمبادئ ونصوص اتفاق الرياض... باعتبار أن المشكلة قد تجاوزت الاتفاق ولم يعد الاتفاق يتلاءم مع حجم المشكلة واقعياً.
بهذه الصورة فإن إعلان خيار الإدارة الذاتية لا يعني سوى الإعلان عن وفاة اتفاق الرياض وتحنيطه من قبل الانتقالي، لاسيما وأن الانتقالي بدأ يفرض معطيات جديدة على الأرض خارج مسارات الاتفاق، وربما ترسخت هذه المعطيات على الأرض بفعل الزمن.
اتفاق الرياض لم يقدم معطيات جديدة حتى الآن لفرض خياراته كحل سوى دعوة الانتقالي ومناشدته للعودة إلى ما كان عليه قبل إعلان خيار الإدارة الذاتية، ولم يقم بأي إجراءات عمليه من شأنها إجهاض مروق الانتقالي عن الاتفاق.
إستمرار الانتقالي في تأزيم المشكلة وتعقيدها وفرض معطيات جديدة على الأرض مع توقف اتفاق الرياض عن تقديم معطيات جديدة لحل المشكلة ووقف مروق الانتقالي لا يعني سوى التسليم مبدئيا بأن الاتفاق لم يعد صالحاً لحل المشكلة.
استمرار التحشيد الوطني والإقليمي والدولي ضد انقلاب الانتقالي على الاتفاق قد يعني بأنه محاولة لمحاصرة إجراءات الانتقالي.. لكنه يعني أيضاً نقل المشكلة إلى طور جديد وبمشروعية جديدة ربما تجاوزت مفهوم اتفاق الرياض وخيار الإدارة الذاتيه معاً، لاسيما إذا أصبحت المعطيات التي فرضها الانتقالي متجاوزة لاتفاق الرياض عملياً وغير متناغمة مع نصوصه ومقاصده.
في المحصلة فإن الأحداث أثبتت بأن اتفاق الرياض لم يعد قادراً على حلحلة الأزمة بكل تفاصيلها، وفي الوقت ذاته كشفت بأن الانتقالي بات محصوراً في منطقة ضيقة، ولم يعد يمتلك ذلك الزخم الشعبي ولا الحاضنة المحتمعية التي كانت معه في عام 2017، فضلاً عن أن الانتقالي مجرد جماعة عصبوية لمنطقة محددة، وليس معبراً عن الوضع في الجنوب، ولا يصح أن يتم تقاسم الشرعية للسلطة معه في الجنوب.
مثل هذا الوضع يحتم على رعاة الاتفاق إتخاذ تدابير جديدة وتنفيذ الإتفاق بمضامين جديدة.