الخائن الذي عنه يتحدثون
عندما تتحدث عن وجود خيانة، والحرب لم تضع أوزارها بعد، فأنت تعطي الخائن أكبر من حجمه، وتحقق له أهدافه يشكل غير متوقع، وهو في حقيقة الأمر لا يملك إلا نفسه، فقد تجد كل أبناء قبيلته ضده حتى أقرب الناس منه كابنه وشقيقه.
الخائن لا يحتاج سوى إلى ضمير ميت، يمنحه الجرأة على خيانة أهله، ومناخ ملائم يتيح له فرصة المتاجرة بشرف القبيلة وبيع سيادتها للأعداء دون علمها، من أجل مصلحة شخصية، مستغلاً ثقة أبنائها فيه ومكانته بينهم، أو مجاملتهم له وتغاظيهم عن تجاوزاته وعدم توقعهم منه ما هو أسوأ.
عندما تصمت القبيلة على الخائن ولا تتخذ أي اجراءات صارمة ورادعة تجاهه، بحجة إنه لا يملك إلا نفسه، أو أن تأثيره محدود، أو بصفته يسترزق فقط، فإنها تتيح له الفرصة لتحقيق خيانته فيها وينال أكبر من حجمه الحقيقي، ولا يتردد في انتهاك سيادتها التي هي ملك عام لكل أبنائها ولا يحق لأي فرد أو شيخ التصرف فيها دون علمهم جميعاً وبهذا يصبح مدان لجميع أبناء قبيلته.
وعندما يتهم البعض قبيلة بأكملها بأنها خائنة، بسبب خيانة واحد من أبنائها، فإن ذلك يصب في مصلحة الخائن ويعطيه أكبر من حجمه ويحقق له أهدافه، ويشعر بأنه على صواب وكان الأجدر بأبناء قبيلته أن يتبعوه فالجميع ينعتهم بالخيانة ولا يقدر موقفهم وما تعرضوا له من خيانة وغدر ودمار وخراب، ولا يزال الكثير منهم يقاتل من أماكن أخرى.
وأيضاً الاستمرار في الحديث عن وجود خيانة وتراشق التهم بها، ينزع الثقة بين المقاتلين ويثير الشك أوساط صفوفهم، ويطيل من مدى مفعول الخائن ويوسع نطاق تأثيره وبهذا يكون قد نال أكبر من حجمه وحقيقته بكثير.
الخائن ليس إلا فرد واحد، حتى وإن كان شيخ في قبيلته، فإنه بعد خيانته لها منفرداً أصبح فرد، ولا يسمى شيخ إلا من يقف في صف قبيلته وتقف قبيلته في صفه.
وكل من أنضم لمليشيا الحوثي من الخونة والذين لا يتجاوزن عد الأصابع لا يمثلون إلا أنفسهم حتى وإن كانوا مشائخ فانضمامهم لها بأنفسهم فقط يجعلهم أفراد فقط وجنود لديها، بعد أن كانوا مشائخ ولهم مكانتهم بين قبائلهم، لكنهم استغلوها بشكل سلبي وخسروا كل شيء.
يجب على الجميع الكف عن تعميم تهمة الخيانة على الآخرين، وتسمية الخائن بنفسه، فهو لا يمثل إلا شخصه ولا يمثل قبيلته ولا حتى أسرته، ومن الخطأ أن يظل البعض يعطي الخائن أكبر من حجمه ويحقق له أهدافه من خلال تعميم تهمة الخيانة والاستمرار في تراشقها وتمزيق الصف وخلق أعداء جدد.