تحبك لإنها ترغب بالزواج بك..وهذا ليس عيبًا بذاته ولا يشكل إدانة!
لماذا ينشأ الملل بين الأزواج..؟ لإنهم فقدوا الحب وحولوه لشركة للإنجاب، فقدوا الغاية واحتفظوا بالوسيلة، دمروا مسافة الحرية بينهم وصاروا مقيدين بشروط ملزمة، حياة سالبة للعاطفة، والحب لا يترعرع دون حرية. لا تسيل العاطفة إذا كانت واجبة، ولا ينبض القلب إذا كان مرغمًا على النبض بدافع المسؤولية.
ولماذا أصبحت علاقتنا بالدين مرهقة، لإننا فقدنا الله في أعماقنا ولم يتبق لنا غير الكنائس والمساجد وحراسها وعلماءها وكلهم يحجبون الله عنا.
في البداية كان الحب مثل الدين، فكرة روحية خالصة، علاقة حرة بعالم المطلق، رباط باطني دون شروط ولا قيود، أن تحب؛ يعني أن تنتمي للأخر بحرية، تذهب إليه متى أردت ويعطيك أكثر مما طلبت، تغادر فلا يحنق منك، وتعود فلا ينهرك. لا يشترط عليك موعدًا ولا تفرض عليه قيودًا.
لاحقًا أفسد البشر الفكرتين معًا، حولوا الدين لمؤسسة خانقة، يحرسها رهبان وأوصياء بينك وبين الله، وشوشوا علاقتك به، ومثله تحول الحب لعلاقة تجارية، تقوم على العقود والمواثيق، رباط وظيفي يشبه فكرة " الزواج".
لن يستعيد البشر إحساسهم الحر بالله، ما لم يعيدوا ضبط علاقتهم به خارج فكرة الأديان، ولن يستعيد العاشقون إحساسهم ببهجة الحب، ما لم يحرروه من فكرة الزواج، لا أعني أن الزواج بذاته قيد يربك الحب، لكنه حين يغدو غاية، تتراجع فكرة الحب ونفقد قدرتنا على التدفق فيه بحرية.
هي لا تتزوج بك لإنها تحبك، بل تحبك لإنها ترغب بالزواج بك، هذا ليس عيبًا بذاته ولا يشكل إدانة؛ لكن مجرد التقديم والتأخير في الفكرتين، يترتب عليه شعور مختلف في كل حالة، في الحالة الأولى، الهدف هو الحب، والزواج فكرة عارضة، الحالة الثانية الزواج هو الهدف والحب فكرة هامشية..نحن هكذا ندمر القيمة المطلقة وهي "الحب" لصالح فكرة مقيدة هي "الزواج".
لقد أفسد القساوسة قدرتنا على الإيمان، كما أفسد المجتمع قدرتنا على الحب، يتوجب أن تقاتل كل القيود التي تُفقدك القدرة على أن تعيش اللحظة الخاطفة، أنت لا تملك من عمرك غير تلك اللحظة؛ فلماذا تؤجل عيشها بحجة تلبية شروط المجتمع.
اشتري خاتمًا وضعه في جيبك، ثم اقعد معها للحديث، وبعدها ناولها الخاتم، إذا كان نبضها تجاهك وملامح وجهها قبل أن تهبها الخاتم، مختلف عما بعده، صافحها، ثم غادر، لا تسترد منها خاتمك ولا ترتبط بها بعد ذلك، إنها لا تحبك، بل ترغب بطفلها الأول فحسب، وتلك علاقة للتكاثر، هدفها المحافظة على النسل، وليس أنت.
أحبوا، ثم افعلوا بعدها ما تشاؤون، أحبوا بصدق ونزاهة، وهذا هو جوهر الحياة، كل ما عدا ذلك مجرد تفاصيل.