المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:23 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
انقلابات عسكرية وشيكة وفرض واقع جديد في عدن ومارب وحضرموت وتعز!.. محلل سياسي يدق ناقوس الخطر سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم

لقطة تختزل حكاية طويلة لحياتنا المهدورة على الأرصفة

هذه الصورة خلاصة كثيفة لمآساة الطفولة في بلادنا، لقطة تختزل حكاية طويلة لحياتنا المهدورة على الأرصفة، جيل كامل ولد في توقيت سيء ووجد نفسه فجأة في مواجهة حياة مدمرة.لم تختر الطفلة زمن ميلادها، جاءت دون أن يستأذنها أحد بالمجئ، فتحت عينيها وكانت الحرب قد سبقتها بالميلاد.

لا أدري كم تبلغ من العمر؛ لكن المؤكد أنها لم تتجاوز عقدها الأول، ربما ولدت قبل الحرب بسنة، سنتين، تهجت كلماتها الأولى على وقع القذائف، وما إن صارت مؤهلة للتعليم، لم تكن مراكز الروضة مشرعة لاستقبالها، كانت الحياة بكامل قسوتها فاتحة ذراعيها أمامها، وتدعوها لخوض التجربة.

أكاد أشعر بما تشعر به، لا بد أنها تذهب لبيع البيض وهي تشعر بالغصة وربما تخجل من رفيقاتها إن رأوها في الشارع، الأمر لا علاقة له بفكرة العمل وأنه مصدر شرف وليس فيه ما يُخجل، هي لا تفقه كل هذا، كانت تبحث عن حياة خفيفة تذاكر دروسها في البيت وتخرج للّعب مع زميلاتها في حوش المنزل، لم تكن شروطها مغالية، لكن الحياة لم تكن مهذبة معها، وتعاقدت معها على نحو مختلف.

ليس ثمة وقت للّعب أيتها الملاك الصغير، هذه هي حياتنا المنهكة، لم نشارك في تقريرها، لم يشاورنا أحد، استيقظنا ووجدنا أنفسنا مقحمين فيها بلا خطئية أولى منا ولا بقايا رأفه منهم لوقف نزيف الحياة، أعلم أنها أكبر من قدرتك على مواجهتها ، إنه ليس قدرك لوحدك، بل قدر جيل كامل، حياتهم مكشوفة مثلك ومحاطة بمخاوف تشبه مخاوف الرجال الكبار، الخوف من غد تستيقظ ولا تجد ما تأكله.

ليس أمامك يا صغيرتي سوى أن تفترشين الرصيف؛ كي تؤمني مصروفك اليومي وتحفظين شكل الكلمات، يد تجمع ما جادت به الحياة من دراهم زهيدة ويد تحاول رسم الحروف الأولى؛ لتفكك شفرة الحياة المبهمة، لتفهم لماذا ولدنا في بلاد شحيحة ولماذا هي حياتنا مكسرة هكذا..؟

هذه الطفلة ليست حالة فردية، هي نموذج لحياة ملايين الأطفال، عشت في القرية وأعلم كيف يعيش الأطفال في القرى، كيف يحملون همومًا أكبر منهم، تسحق نفسياتهم، تورثهم الانكسار، ويكبرون مهزومين من أعماقهم.
يعيشون حياة جافة، فارغة من أي مباهج، تلفحهم الشمس والريح بالنهار، يلهوون بالأحجار والعلب الفارغة، ويغلبهم النعاس قبل المغرب بقليل، يكفي نظرة في عيونهم، لتكتشف كم هي الحياة فادحة ومرهقة.

أطفالنا يولدون كبارًا وحياتهم لا تشبه أطفال العالم بشيء، مظاهرهم حزينة وعيونهم مثقلة بهموم سنين أكبر من أعمارهم، إنها سنوات الحرب، حيث تشيخ الطفولة وتُصادر أمنيات الصغار قبل أن تولد.

ملاحظة: الصورة التقطها المصور الزميل / محمد التويجي لطفلة في بئر باشا بمدينة تعز اليوم، هذا النوع من اللقطات يوثق الجانب المواز من الحياة، ويتوجب أن يمنحه المصورين جزء أكبر من تركيزهم، في الزوايا المنسية يكمن جوهر الحكاية، حيث الهوامش التي يسهو عنها الكثير.