يوم شامخ لا تعكر صفوه الحروب
إنه الخميس..
هو لا سواه، يوم شامخ لا تعكر صفوه الحروب، ولا تغير طقوسه مستجدات الأحدث، تمضي مواكبه فتخترق الشوارع والأزقة على وقع الزغاريد وأنغام الفرح، فتشرئب لها الأعناق وتصطف الجماهير على قارعة الطريق بكل اندهاش..
يوم من أيام الله المباركة يأتي تاليا لكنه يشبه اليوم الذي دخل الجنة فيه أبونا آدم برفقة أمنا حواء، نعم يأتي نهاية الأسبوع لكنه تاجه..
هاهم اليمنيون برغم كل تعاستهم في ظل هذه الأوضاع المحزنة يفسحون له مكانا مرموقا ويجلونه، ويعظمونه كميراث تتلقفه الأجيال، فيحتفظ بملمسه الناعم وحضوره الأنيق..
حتى في غير اليمن، هو الاحتفاء ذاته، حيث وجدت أبهته ونكهته الخاصة في عدد من الدول التي زرتها، فبمجرد دخول وقت المساء ينتعش الجو، فتتدفق رائحة البخور وتتسلل من نوافذ الشقق المجاورة؛ ليبدأ بعد ذلك صخب ليالي الأنس والطرب.. صخب العواطف التي لا تعرف المليشيات ولا تؤمن بالسيد ولا بولاية الفقيه.
ومن آسيا إلى أفريقيا حيث القارة السمراء التي تدين له بالولاء، فلقد وجدت أقواما يحتفون بيوم الخميس وزخات العطور تنعشنا حتى مطلع الفجر، وأهازيج الخميس تصدح من كل مكان.
يا له من يوم عظيم، حيث لا حديث سوى أحاديث الشوق، وضحكات الفرح وزغاريد الأنس..
يوم عابر للقارات لا سلطان عليه، ولا يخضع لأنظمة التكنولوجيا، ولا لبطاقات العبور بإجماع العاشقين والمحبين.