المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:26 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
انقلابات عسكرية وشيكة وفرض واقع جديد في عدن ومارب وحضرموت وتعز!.. محلل سياسي يدق ناقوس الخطر سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم

جدلية النص القرآني (دعوة للنقاش الهادئ)

في ثنايا قضية عبدالله الأغبري أوردتّ في بعض منشوراتي أيات قرأنية داعية بصريح العبارة لفضل العفو والصفح وإحياء النفس البشرية، إستخدمتها متعمدًا لما لها من آثر عقائدي على العوام من الناس والعقول المحافظة والملتزمة ظاهريًا بالأيات الصريحة، لم أكن أدرك أنهم جميعًا متمترسون بأيات أكثر شدة وأمتن في مفعولها وتأثيرها، بل ومقترنة مع صورة الضحية في عقولهم وعاطفتهم، الجمهور العام من الناس تمترس أمامي بأية القصاص كجدار فكري متين مقابل أيات العفو عن القاتل كنوع من التحريض على العفو والتسامح كون القتل غير متعمد أو يندرج ضمن شبه العمد، مما يجعله في خيارات غير العمد، بناءً على هذا، ذهبت بعيدًا للبحث والقراءة أكثر عن أمور التناقض الصريح في بعض أيات القران الكريم لمعرفة أصولية الإتباع الديني للأحكام المتشددة مقابل تجاهل الأحكام المعتدلة والمرنة، خصوصًا حينما يتم تُغيب الآية المنهجية (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) وأية (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)، وأية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ). وفي المقابل، تحضر آيات التفاصيل التي تشرع الأحكام الظرفية والشكلية والظاهرية والعاطفية منها، كأيات القصاص والإعدام المختومة دائمًا بأهمية التصدق والعفو الصريح (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وأية (وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ)..

وفي هذا الصدد، يعود التساؤل الفقهي والفلسفي التاريخي المتكرر، عن إمكانية تناسب القران وصلاحيته لكلّ زمان ومكان، مع أنّ الظرف والسياق الحالي لا يشبه لا من قريب ولا من بعيد ما كان عليه العالم قبل 1400 سنة! مع أن البعض يستعمل حجّة الناسخ والمنسوخ لتفسير الإختلافات العميقة بين الآيات، فحين نفكر مليًا بأنّ حجة القرآن الكريم الصالح لكل مكان وزمان تعني بأنّ الأحكام القديمة (المنسوخة) لم تعد صالحة في ظرف أقلّ من 23 سنة (مدّة نزول القرآن) فكيف يريد للأحكام الناسخة أن تصمد لمدّة 1400 سنة؟! وهذا التساؤل المنطقي صريح لإعادة النقاش حول القضية..

وبحسب المفكر القرأني، حيدر حب الله، فإنّ تناقضات القرآن الكريم كثيرة جدًا، خصوصًا ما يتعلّق منها بالحرب والسلم والقتال والعلاقة مع الآخر، فمثلاً نجد آيات تُظهر الإسلام بأنّه دين السلام والتسامح والإنسانيّة، وفي موضع آخر نرى آيات القتل والذبح لا تستثني أحدًا، فمثلاً يقول: (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنّه وليٌّ حميم)، ولكنّه في موضع آخر يقول: (قاتلوا الذي لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحقّ من الذين اُوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) وهذه الآية تناقض بوضوح حرية الاعتقاد التي تدلّ عليها آية: (لكم دينكم ولي دين)! وأيضاً هناك تناقض صريح فيما يتعلّق باليهود والنصارى، ففي موضع يظهر فرقاً كبيراً بينهم وبين علاقتهم مع المسلمين فيقول: (لتجدنّ أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدنّ أقربهم مودّةً للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ذلك بأنّ منهم قسيس ورهباناً وأنّهم لا يستكبرون) وفي موضع آخر يساوي بينهم ويطلب من المسلمين التعامل معهم كأنّهم سواسية، قال: (يا أيّها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولّهم منكم فإنّه منهم إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين) ..

وفي الحقيقة، لا يوجد آية في القرآن ولا حقيقة قطعيّة تلزم بأن يكون القرآن برمّته يحمل مضمونًا أبديًّا، ولا أنّه برمّته يحمل مضمونًا زمنيّاً مؤقتًا، ومن ثمّ فالقرآن الكريم يمكن من الناحية المبدئية أن يحتوي مضموناً زمنيّاً تاريخيّاً وأن يحتوي مضموناً مؤبّداً لا يتأطّر بإطار الزمان والمكان، فعندما يقول علماء المسلمين بأنّ في القرآن ناسخاً ومنسوخاً، فهذا يعني أنّ القرآن يمكن أن تحمل ولو بعض آياته مضموناً مؤقّتاً، وهو المضمون المنسوخ، وهذا إقرار حقيقي منهم بأنّ النص القرآني لا يأبى أن تكون بعض آياته مؤقّتة انتهى زمانها بمعنى من المعاني..!!

:

أذن، يمكننا في بعض الأحيان أن نقول: إنّ بعض الآيات كانت تراعي وضعاً زمنيّاً معينًا، لأحكام ظرفية تتعلق بحالات محددة ومرتبطة بسياق تأسيس دولة الإسلام فكان من اللازم التفريق بين المؤمن والكافر والرفع من قيمة المؤمن والحط من قيمة الكافر وذلك لجذب المزيد من الناس كي يبلغوا منزلة المؤمن ومقامه، وهي أحكام ظرفية لأنها واقعة تحت ظروف اجتماعية ضاغطة تفرق بين الذكر والأنثى والحر والعبد ولم يكن للمشرع وقتها أن يتخلص من هذه الضغوطات كرة واحدة، مع ذلك كان إلى جوار الرفع من قيمة نفس المؤمن نصيب لقيمة النفس الإنسانية بشكل عام فأتت آية (ومن أحياها، فكانما أحيا الناس جميعًا) كتشجيع وحض على العفو في كونه كفارة أو إزالة لذنوب المقتول..

ومن ناحية أخيرة، ورود هذه الأية (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ)، تعني بصريح العبارة أن المؤمن لا يقتل مؤمنًا عمدًا، والعمد في الصورة المتناقلة لجريمة الأغبري تندرج ضمن شبه العمد المتصل أكثر بغير العمد، مما يجعل العفو والصفح والحكم الأقل من الإعدام هو الأجدر، كون المتهمين مؤمنون بالضرورة، والمقتول مؤمن أيضًا، وصفة الإيمان تستدعي الحكم بالدية أو الصفح، وهذا بخلاف حكم القصاص النازل بما دون المؤمنين..