المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:23 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
انقلابات عسكرية وشيكة وفرض واقع جديد في عدن ومارب وحضرموت وتعز!.. محلل سياسي يدق ناقوس الخطر سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم

أخطر من القتل!

عبدالسلام القيسي
عبدالسلام القيسي

سقطت بغداد بيد المغول، كان أول عمل للتتار الذين أتوا يجرون خلفهم سواطير الرعب هو حرق المكتبة، مكتبة بغداد الشهيرة، بل ورميها الى النهر ولأن العربي بعقل فقاعي كتب يؤرخ تلك الجريمة أنهم فعلوها لتمر أحصنة الغزاة من ضفة النهر على جسر من كتب الى الضفة الأخرى، وطفق العربي يتناول هذه الزاوية ويجسد مشاهد العبور الدموي على الحيوات الغفيرة، دون أدنى فكر، لماذا أرتكب المغول تلك الجريمة بحق العقل العربي والإسلامي !
المغول، تصاب من سيرتهم بالدهشة، أتوا يتنكبون الجهل، الجهل هو إنتصارهم والجهل يحفظ سيرتهم حول العالم، ويدركون أنه بالعلم تسقط كل أساطين الطغاة وأن الكلمة سيف، بل أحد، وأن إعدام عشرة كتب أنفع للجاهل من إعدام عشرة محاربين من خصومه لذا أحرقوا المكتبة لحرق معنى ومبنى العربي..
إقفال مكتبة وإغلاق دور الوعي أخطر من القتل، ومن هدم المنازل، ومن سجن الابرياء وهذا النهج يتواتر منذ أول التأريخ فالكلمة خصم الطغاة، إفقاد الانسان قدرته على القول يفقده الفعل، والقول معرفة، والمعرفة الرهان الأول والأخير للشعوب في تحقيق واستعادة الإرادة، وبث فحوى الثورة، ومن هذا النطاق واستمراراً في عملية تدجين الجماهير تقفل جماعة الكهنوت في صنعاء مكتبة أبا ذر الغفاري، من أهم مكتبات الوعي اليمني، دلالة هذه المكتبة مختلفة، لأنها ترمز الى الغفاري الذي صرخ أن المال مال المسلمين بوجه كل الناس، والحكام في عصره، وليس مال الله فالله لا يملك المال، ومن يقول المال لله هو يحتال على الناس لسلبهم مالهم، وحقوقهم، وكلما مر مواطن في صنعاء أمام هذا العنوان خطرت في باله ثورة الرجل وقوله ومقالته وطفق يقيس ويقارن بين الواقع الذي يعيشه ونهج جماعة لم تترك للمواطن أي مال للحياة.
لمكتبة الغفاري رمزية ودلالة كبيرتين، الى جانب الوجه الأول الذي ذكرت، فهي تلم في جنباتها الوعي الشعبي، والخيط الثوري الذي نشده وينشده العالم، وخلاصة الاشتراكية بالمعنى الوقوف بوجه الطغاة وبوجه إقطاع مخيف، لا يشبه سابقه، فالكهنوت أخذ كل شيء، ويخاف من تنامي الوعي اليمني عبر المحتوى الذي يطالعه في المكتبة، فقرر بكل جهل سد باب النور الأخير والملاذ المعرفي، فالكهنوت لا يخاف البندقية بقدر خوفه من المعرفة، والمعرفة والفكر الحقيقي الذي لا يخرجك بوجه الطاغية هو لا يجعلك تقف بجانبه، وهزيمة الكهنوت ليست فقط في الخروج ضده، في هذه المرحلة، بل بالحياد حتى، خسارته ألا تكون وقوداً لمعاركه، ولذا يحول بيت الثقافة الى محل لبيع الكناشل ويغلق المكتبة وفي أول سنة حرب بمدينة تعز، كان أول ما قام به، قصف مكتبة السعيد.
السلطات المستجدة عبر التأريخ تنزع الى إعدام المعرفة والفكر والتنوير، ابن خلدون يقول أن السيوف تقيم الدول وتسقطها الأقلام، وهذا ليس كلاماً فضفاضاً من عالم إجتماع كإبن خلدون، بل حقيقة ظاهرة وما حدث في القرون كلها يثبت ذلك فمؤسس الدولة الساسانية _ ايران حاليا _ أزدشير بن بابك نصح من يعقبه على تخريب عقول الشعوب، قال لهم ذلك، لضمان بقاء واستمرار ملكهم، وهذه استراتيجية فارسية منذ الأزل.
كل الكتب المعروضة لليمني لا تذكر مناقب الكهنوت، لأن ليس لديهم ما أحسنوه وقدموه، للشعب ولذا على الجيل الجديد ألا يتعرف ويقرأ ويطالع مناقب سواهم، وإعدام الكتب وإقفال دور الوعي السبيل الوحيد والمنهجي لهيكلة قناعات الشعب فالى جانب أن اليمن محكمة بالحرب ولا تصل اليها الكتب من الخارج فمهمة الكهنوت تجفيف منابع المعرفة التي تنبع من العقود السابقة، وإحراق الفكر ، وما يحدث ليس حدثاً عارضاً بل منهج حلول الفكر الأسود لسيد الكهف محل الفكر الوطني.
السوشيال ميديا لا تنتج معرفة، الكتب فقط ولب العقول في الكتب، والكتب الناتجة في الزمن النبيل، وأعمق ما كتب الانسان وأشد تأثيراً في الفرد لا تتوفر في السوشيال ميديا ثم أن هذا الفضاء محكوم بسلطة المليشيا على الاتصالات وتتيح المحتوى الذي يكورث العقل فقط، أما فكرة الوعي محظورة بالكامل.
سأنهي ما ذكرت بحكاية، حكانيها صديقاً لي في صنعاء، لديه زميل من صعدة، أراد يوماً أن يتقرب منه ويجامله، أخبره أنه قرأ إحدى ملازم حسين أو عبدالملك، لا أعرف، المهم أنها ملزمة تخص الكهنوت، فبادره الصعداوي بالسؤال : ماذا قال السيد في السطر خمسة بالصفحة العشرين؟ الذي يحدثني منصعق ..!
كأن ملزمته القرآن، هذه هي المعرفة الواردة للعقل اليمني، في ظل حكم الكهنوت، فقط .