المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:20 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم بدون تقطيع .. بث مباشر لمشاهدة مباراة الغرافة القطري واستقلال طهران في دوري أبطال آسيا بجودة HD

تهمة باعثة للسخرية لأنصار فبراير


يتهمون أنصار فبراير، بالرومانسية، وهذه تهمة باعثة للسخرية من صاحبها، أكثر مما تنال من جدارة الثوار وبطولية ثورتهم. أنا لا أعرف ثورة في التاريخ قام بها أولئك المثقفون النرجسيون، عقول محشوِّة بمفاهيم مجردة، تصلح للتمنطق على طاولة خشبية، أكثر من قدرتها على تحويل معرفتها لسلوك حي يقلب الواقع ويؤسس لقيم الخير العام.

لطالما كان الثوار عبر التاريخ رومانسيون، ومن هنا ينشأ مجدهم، فالرومانسية ؛ ليست نقيضة للواقعية، بل علاج لها، حين ينسد الواقع ويفشل التعاطي الطبيعي معه، يتدخل الرومانسيون؛ ليحطموا الأسوار المختلة ويتجاوزوها. الثورة حلم، نشاط خيال جموح، لا يتعامل مع الواقع انطلاقًا من عقلية حسابية محاطة بالمخاوف ومترددة من المآلات. بل مزاج مغامر، يدرك مدى اختلال موازين الحياة، وكيف تتحكم الأنظمة بمصيره وتستأثر بكل أدوات القوة والسلطة، ومع هذا يقرر المواجهة.

ليسوا ثوار فبراير رومانسيون بالمعنى العاطفي الساذج، أو الذهن المغيّب عن حقيقة الأوضاع القاسية ومرارة الواقع المسدود، بل رومانسية البطل، حيث الشجاعة تتقدم على حسابات الربح والخسارة، وقرار الفعل لا يرتبط بالنتيجة. ولهذا حين تسألهم اليوم: هل كنتم ستخرجون لو كنتم تعلمون أن ثورتكم ستصل لهذا الوضع..؟ سجيبك القطاع الأعظم، نعم.

"لا يوجد مثقف حقيقي واحد، تجرأ أن يناهض ثورات الشعوب" يقول عزمي بشارة بهذا الإقرار الحاسم، يوجد مثقفين جبناء، ترددوا، ومثقفين صمتوا، ومثقفين صدمهم تجاوز الشعوب لقراءاتهم، وشعروا بخطورة شرعنة هذا التجاوز ، حيث سلطة الشارع المنفجر، استعادت سيطرتها على مصيرها وبشكل مباشر دونما توسط أو انتظار لما سيقوله المثقف لها.

لا يوجد مثقف يحترم نفسه يناهض حركة جمهور واسع ويطلق عليها تهم فوقية بكونهم مغفلين ووحده يفهم الواقع؛ يوجد حثالات ثقافية فعلت وما زالت تفعل ذلك بخفة. بالأمس كانوا يناهضون الثورة لأسباب تتعلق بريبتهم منها وارتباكهم أمامها واليوم انطلاقًا من مآلات ما بعد الثورة وفي الحالتين؛ يؤكدون لنا فقدانهم للنزاهة وشرف الموقف الحر.
التنويريون في الزمان والمكان الغلط، لا يتملكون هذه الصفة_الثقافة_ بشكل معتبر، إنهم أقل حصافة وأكثر مجازفة في مواقفهم تجاه ظاهرة إجتماعية واسعة كالثورة، ولهذا يتجرأون على تجريد الثوار من نبلهم وعظمة سلوكهم، وتحميلهم أخطاء ما بعد الثورة، دون أي موقف نقدي حقيقي، يشرح القصة بكامل تفاصيلها..ولماذا حدث كل الذي حدث..؟

ما هو معيب ليس نقد الثورة والثوار. العار هو في التجرؤ على لومهم وإطلاق توصيفات مخجلة بحقهم، حتى محاسبتهم على مآلات الثورة باعتبارهم متهمين، هو موقف غير عقلاني وغير منطقي، لا يوجد شعب يتحرك وفقًا لخطة محكمة ومسبقة ويتبعها؛ كي ينجز هدفه، هذا عمل النخبة كي ترتب ذلك بالتوازي مع الفعل الثوري أو بعد انطلاقه، أما الشعب فحسبه أنه خرج، وأطلق صرخته ضد الجميع؛ لمجرد أنه تحرك فتلك بطولته وليس مطلوب منه أكثر من ذلك.

رومانسي نعم، ويا لها من رومانسية أكثر فاعلية من نشاط النخبة الكسيحة، نخبة قضت عقود وتأثيرها الواقعي لا يتجاوز رفوف المكتبات إلا بمقدار شبر أو شبرين في عقول من يقرأها، فيما جاء الرومانسي وفجر كل أسوار السلطات المعطوبة، وأنهى تلك المهزلة الممتدة منذ عقود، وهو غير محاسب على ما بعدها. بل إن الثورة حتى كعمل بدائي، يعود لها الفضل في تدشين حقبة جديدة من الوعي العام وإحداث انقلاب وهزة شاملة في أذهان ونفوس الجميع بما فيهم المثقفين أنفسهم. وكما يقول والتر ستيس: لطالما نتجت أكثر الاشياء منطقية وصوابية وفائدة من مقدمات غير صائبة" هذا في حال إقرارنا أن الثورة فشلت.

أما الآن فليأتي المثقف وليقل للناس كيف يتوجب صناعة المخرج، هذه هي وظيفة المثقف، بدلا من إطلاق سخرياته العاجزة واحتقاره للجمهور العام، بطريقة لا تقل حقارة عن الأنظمة الساقطة.