البيضاء .. واستراتيجة الشرعية
وضع الحوثيون محافظة البيضاء كأولوية عسكرية ليس لاهمية موقعها الاستراتيجي الذي يلعب دوراً حاسماً في توازن الصراع اليمني فقط بل لإدراك الحوثيين لتاريخها المعروف بالتمرد على اي سلطات تحاول تركيعها ولعدائها المستمر تجاه الائمة الزيدية كونها قبائل ذات هوية سنيّة واضحة، وهي منطقة لا تزال تحتفظ بالسلاح والتضامن القبلي، ولا تزال قادرة على حماية أبنائها ضد الآخرين، حتى لو استدعى ذلك مواجهة السلطة لذا كان إخضاعها أولوية قصوى بالنسبة لجماعة الحوثي ، فيما الدور الامريكي كان حاضر في اسناد الحوثيين ضد قبائل البيضاء بذريعة محاربة القاعدة واستخدمت امريكا الضربات "الموقعة" والتي تنفذ بناء على هدف مشبوه وليس على معلومات استخبارتية وفي اكثر من مرة كان الهدف المشبوه حفلات اعراس ومناسبات اخرئ ليس لها صله بالقاعدة.
الحكومة والتحالف لم يضعوا البيضاء في أولويات استراتيجيتهم واستغلال حشد القبائل ضد الحوثيين ودفعهم للتمرد .. لعدم ثقة القبائل بالحكومة والتحالف ، وعدم التزام الحكومة والتحالف بتأمين دعم حقيقي لهم ، وقد يتركوهم يواجهوا الحوثيين بمفردهم كما حدث في حجور وعتمه ،ولذلك ان اي تمرد قبلي في البيضاء لمواجهة الحوثيين لا يبدو مضموناً، وهذا ما دفع بقبائل قيفة و آل عواض بالتوصل الى تسوية مع الحوثيين ،رغم عدائهم التاريخي مع الائمة الزيدية وسياسة الإخضاع القسري للقبائل وهذا ما ساعد الحوثي بعدم المجازفة بخسارة محافظة البيضاء لذا لجأ للتفاوض مع القبائل وخفف من حدة العمل العسكري لحسم اي توتر ،وعمل على إبقاء الوضع هادئا، وهذا يعتبر له أهم من أي استعراض مؤقت لفرض سطوته وهيبته.
السيطرة على البيضاء بالنسبة للحكومة الشرعية ستشكل نقطة تحول في الصراع وستمنحها مفاتيح التصعيد والتهدئة في الجبهات المفتوحة على ثمان محافظات مختلفة ،ولكن كما يعلم الطرفان، فإن السيطرة عليها تستلزم وجود استراتيجيات تأخذ المصالح القبلية بعين الاعتبار.