المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:18 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم بدون تقطيع .. بث مباشر لمشاهدة مباراة الغرافة القطري واستقلال طهران في دوري أبطال آسيا بجودة HD

رحيل حزين لحارس الهوية اليمنية


في هذا المساء الحزين تلقيت نبأً صادماً يفيد بأن أستاذي الكبير وصديقي العزيز ، القاضي علي ابو الرجال، قد فارق هذه الحياة ورحل عن دنيا الناس في ظرف وطني بالغ السوء ما كان يستحقه شخص مثله، بعد إنجازات خالدة ، وبعد عمر طويل ومثمر كان فيه حارساً عتيداً لقيم الدولة والهوية الوطنية والجمهورية التي أنتجتها ثورة 26 سبتمبر 1962.
كان واحداً من أكثر رجال الدولة تنويراً، كان مثقفا عضوياً، وكان كبيراً جدا في مناصب بيروقراطية صغيرة أو متوسطة، وأكبرها توليه لمنصب محافظ محافظة الحديدة.
قبل هذا المنصب برز دوره المؤثر حينما كان وكيلاً لوزارة الأشغال في بداية العهد الجمهوري. فمن خلال هذا المنصب ترك بصماتٍ واضحةً في مشاريع الجمهورية، وتركز اهتمامه بشكل كبير على رعاية النمو الحضري للعاصمة التاريخية صنعاء.
فقد أشرف على إنشاء مطار صنعاء الدولي الذي نفذه مقاول بدرجة مناضل هو رجل الأعمال الكبير سلام ثابت الأديمي يرحمه الله.
كان الراحل ابو الرجال يحتفظ بأقصر الطرق للوصول الى رؤساء الدولة والحكومة، والأمر يعود لشخصيته الاستثنائية التي تجسدت في هيئة بيروقراطي يعتمر عمة القضاة والملبس الذي كان يشير الى هويته الطبقية الاجتماعية الصنعانية أو الصنعائية كما كان صديقي الشاعر عبد الله البردوني يفضل أن يسميها.
بهذا "الكركتر" الرائع تكرست شخصية أبو الرجال كموظف عتيد وأيقونة "صنعانية" يحترمها ويحبها الجميع.
تعززت معرفتي بالراحل العزيز من خلال دوري كمحرر صحفي مختص بالشؤون الثقافية والسياحية والبيئية، في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) الحكومية.
تغطية صحفية لإحدى الندوات التي عقدها المركز الوطني للوثائق كانت كفيلة بصداقة شخصية ومهنية جمعتني بالرجل لعدة سنوات.
القاضي علي ابو الرجال وحتى بلغ اكثر من 85 عاما وهو يرأس هذا المركز ويرعاه. وتقريبا يعود الفضل في وجود المركز الوطني للوثائق لهذا الرجل، ولعدد من مساعديه، من أول وثيقة مهملة في زوايا مؤسسات الدولة وحتى أصبح أرشيفاً وطنيا.
كان شديد القلق على مصير الوثائق التي جمعها بالبحث والسهر والمتابعة وبالاستعانة بأهم وأكبر أرشيفات العالم بعد ان اندلعت الحرب.
لقد كان لي شرف العمل معه عن قرب في الإعداد والتحضير وفي إنجاز اهم الندوات التي كانت تعقد لقراءة تاريخ اليمن وعلاقاته بأهم الدول في المنطقة والعالم من خلال الوثائق والأرشيف الوطني في هذه الدول.
حظيت العلاقات اليمنية التركية في العهد العثماني بنصيب الأسد من هذه الفعاليات، وصدر كتاب طبعت منه نسختان أحدهما باللغة العربية والآخر باللغة التركية بالتعاون بين المركز والأرشيف التركي العثماني.
تضمن الكتاب مخططاً للسكة الحديد التي كانت الدولة العثمانية قد شرعت في تنفيذه، ليصل بين ميناء الصليف على البحر الأحمر ومدينة عمران في قلب الهضبة الشمالية لليمن مرورا بمدينة صنعاء، بكل ما كان هذا المشروع يعد به من تطور حضري وكسر للعزلة التاريخية التي عانى منها اليمن، لولا ان الطائرات الحربية الايطالية التي كانت تقلع من اسمرا استهدفت السكة الحديد خلال الحرب العالمية الأولى ليتوقف المشروع حتى اليوم.
ومن خلال هذا الكتاب تعرفت ايضاً على جانب مهم من ادوار الدولة العثمانية والفرمانات السلطانية التي انشئت بموجبها معظم التكوينات الإدارية لشمال اليمن في القرنين التاسع عشر والعشرين الماضيين.
كان الراحل الى جانب اهتمامته السياسية يقتطع جزء مهما من وقته للمطالعة في الآداب والثقافات العالمية، وفي منزله كان يحتفظ بكنوز من التراث الغنائي اليمني والعربي والاسطوانات بكل الموديلات وأجهزة التشغيل.
كان يرحمه الله أنموذجا للمثقف الذي يليق بمدينة صنعاء أيقونة المدن اليمنية والعمق المديني لليمن.