المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:23 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
انقلابات عسكرية وشيكة وفرض واقع جديد في عدن ومارب وحضرموت وتعز!.. محلل سياسي يدق ناقوس الخطر سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم

أشياء تنذر بالخطر لديّ!

محمد دبوان المياحي
محمد دبوان المياحي

أنا خائفُ من طريقة فرح الناس، ليس فرحهم لهذه الليلة، بل وكلّ فرحة مشابهة. هذا الفرح الصاخب والمؤقت؛ لطيفُ بقدر ما هو خادع وعليك أن تحذر من اتخاذه مرتكزًا للسعادة. أود لو بوسعي أن يُدرِّب البشر أنفسهم على الفرح بطريقة مختلفة. أن يؤسسوا بداخلهم مصادر فرح ثابته، يتحصنوا من التعاسة بالمباهج الأصيلة والموثوقة.
من الأشياء المنذرة بالخطر لديّ، مراقبتي للأفراح الهشة لدى البشر. إنهم سعداء الليلة وفي الغد ستجدهم يستيقظون بمشاعر باهتة، احساس ما بالخيبة يعقب فرحتهم، هي خيبة غير مبررة؛ لكنها منطقية وواقعية، ناتجة عن اختلال طريقة انفعالهم من أساسها. وهذا أمر موجب للحيطة. هو ليس توجسًا من اللحظات البهيجة؛ لكنه رغبة بفحصها. فقابلية الناس للفرح الهائل والمفاجئ، لا يوحي بطمأنينتهم؛ بل يريك مستوى انكشافهم الداخلي، كم هي حياتهم قابلة للاهتزاز بين لحظة وأخرى. ومثلما هي مستعدة للهياج المباغت نحو الفرح، هي تملك ذات القابلية للتحطِّم في اللحظة التالية. لا يمكن أن تكون الحياة بهذه الصورة صائبة، هناك خلل ما في طريقة تدبير حياتنا الداخلية. هذا الخلل هو ما يجعل حياتنا مكشوفة، وعالمنا الداخلي عرضة للتهديد من أتفه الأشياء.
إذا أردت أن تتأمل مستوى صلابة العالم الداخلي لإنسان ما؛ انظر في مصادر سعادته، ما الذي يُبهجه وما الذي يجعله منطفئًا ومكدر المزاج. الشخص الذي ينفعل بصورة سريعة وصاخبة من أبسط الأشياء؛ ثم يتعكر مزاجه من أي حدث أخر معكوس. هو شخص منسوب أمانه الداخلي، عوامل ثباته الوجداني غير موثوقة. لا يعقل أن يكون حدث ما خارجك قادر على زعزعتك بتلك الصورة. لاعب كرة قدم مرر كتلة بلاستيكية في شباك المنتخب الذي تشجعه، فإذا بك تشعر باحباط وكأن السماء هبطت على الأرض.
العالم الحديث، أفقد الإنسان مصادر الطمأنينة الراسخة ومنحه بدائل لحظية، أفراح هاربة ومناسبات عرضية، تضخ بداخله سعادة فورية، مشاعر شديدة الإلتهاب؛ لكن زوالها وشيك. ما إن تتلبسها يكون تلاشيها قد ابتدأ ثم تتركك فريسة لخواءك مجددا.
يشير لاكروا في كتابه" عبادة المشاعر": أن نمط حياتنا الحديث يسلبنا القدرة على التأمل، وعلى اعتناق المشاعر طويلة الأمد، فنحن نبحث دوما عن مزيد من الإثارة والاهتزاز والغضب، وننفر من الهدوء والتأمل والخشوع. يظهر هذا بوضوح في ثقافتنا الاستهلاكية اليومية: سرعة، تقلب، مؤثرات صادمة، ألعاب فيديو مهيجة، عروض باهرة، سباقات خطرة، رياضات عنيفة، أنشطة صاخبة، مغامرات مجنونة، عنف، وحالات من التغير الفوري للوعي والمشاعر. كيف يمكننا تحقيق الاستقرار النفسي ونحن نبحث دون توقف عن المواقف الخارجية المولدة للأحاسيس القوية؟
لا بأس أن تنغمسوا في اللحظة وتمتصوا كل ما فيها من هُناءة وانسجام. غير أنكم ستكونون أكثر تأمينًا لعوالمكم الداخلية حين تفعلون ذلك_تستثمرون لحظات البهجة العابرة_بقدر استثماركم في عوامل سعادتكم الثابتة. هكذا ستكون سيطرتكم على مشاعركم عالية. أميل لذلك النوع من المشجعين، أولئك الذين يتابعون حراك العالم، كل مظاهر التنافس، وفي أعماقهم مسافة آمنة، ينفعلون مع الحدث بكل قواهم، وفي النهاية ينسحبون بكامل هدوءهم، حيث النتيجة غير قادرة على اختراقهم. لؤماء، يبتهجون بالفوز بشكل منضبط، لكن الهزيمة عاجزة عن تشويشهم ولا حتى مثقال ذرة.
حصّن نفسك بما هو خالد يا صاحبي. بمصادر معنى أزلية، بقصيدة شعر عالية المجاز، بفكرة ذات دلالة دائمة التجدد، بمحادثة ثرية من تلك التي توقظ ذهنك وتعزز قواك الداخلية، بانجاز يستحق أن تصب معظم طاقتك فيه وتنمو معه. بعمل إنساني نبيل، بساعة تأمل يومية وثابته. بدلًا من لهاثك المبالغ به نحو أفراح الخارج، درِّب نفسك على تنويع مصادر سعادتك الداخلية، تعزيزها وتطويرها وفتح منافذ جديدة باستمرار. بدلًا من تعليق رهانك على ما تتفضَّل به الحياة خارجك من فتات سعادة مؤقتة، جرّب أن تؤسس بداخلك كل منابع البهجة لتضمن عافية وسكينة تفيض بهدوء وتلازمك للأبد.