اعتقال قيادي يُفاقم التوترات داخل المجلس الانتقالي الجنوبي ويزيد من مخاطر تآكل السلم الاجتماعي

أفادت مصادر محلية مطلعة أن شرطة عدن قامت مؤخرًا باعتقال قاسم العاقل، أحد أعضاء الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، على خلفية خلافات حادة حول قيادة الهيئة التنفيذية للمجلس في مديرية مكيراس بمحافظة أبين.
الحادثة أثارت جدلاً واسعًا، حيث اعتبرها العديد من المراقبين تعبيرًا عن تزايد الانقسامات داخل صفوف المجلس الانتقالي، والتي بدأت تمتد لتهدد السلم الاجتماعي في المنطقة.
الخلفية: صراع سياسي أم تصفية حسابات؟
وفقًا للمصادر، فإن اعتقال العاقل جاء بعد توجيه "تهم كيدية" ضده من قبل شخصية أخرى مرشحة لرئاسة الهيئة التنفيذية للمجلس في مكيراس.
وأشارت المصادر إلى أن هذه الشخصية استغلت علاقاتها الوثيقة مع مسؤولين نافذين في وزارة الداخلية لترتيب عملية الاعتقال، في خطوة وصفتها الأوساط المحلية بأنها "محاولة لتصفية الحسابات السياسية".
قاسم العاقل، الذي يتمتع بدعم واسع بين قبائل المنطقة وأنصار المجلس الانتقالي، كان قد تعرض لحملة تشويه ممنهجة خلال الأيام الماضية، تزامنًا مع تصاعد الخلافات حول اختيار رئيس جديد للهيئة التنفيذية في مكيراس. ومع ذلك، أكدت المصادر أن الاتهامات الموجهة إليه تفتقر إلى أي دليل موثق، مما يجعل القضية أكثر تعقيدًا وحساسية.
استياء واسع واستنفار قبلي
اعتقال العاقل أثار موجة استياء واسعة بين أنصار المجلس الانتقالي وقبائل المنطقة، الذين اعتبروا الخطوة استهدافًا مباشرًا لأحد رموزهم المحليين.
ودفعت هذه التطورات بعض القبائل إلى إصدار بيانات تحذيرية، طالبت فيها بـ"إطلاق سراح العاقل فورًا"، محذرة من أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى تصعيد خطير يتجاوز حدود الخلافات السياسية ليصل إلى مستوى النزاعات القبلية.
وفي هذا السياق، حذرت مصادر قبلية في محافظة أبين من "تصاعد حدة الخلافات" داخل المجلس الانتقالي الجنوبي، مشيرة إلى أن "التناحر بين قيادات المجلس المحلية بدأ يأخذ منحى شخصيًا، ما يهدد بتقويض الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار في المنطقة".
وأكدت المصادر أن مثل هذه الخصومات تعكس غياب آلية واضحة لحل النزاعات داخل المؤسسات المحلية للمجلس، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي.
دعوات لتحمل المسؤولية وفتح تحقيق شفاف
في ظل هذه التطورات، طالبت مصادر قبلية وشخصيات اجتماعية قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي بتحمل "مسؤوليتها الكاملة" في ضبط الوضع واحتواء التوتر المتزايد.
وأشارت إلى أن استمرار الصمت أو التعامل بسلبية مع مثل هذه الأحداث قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع على الأرض.
كما دعت المصادر إلى "فتح تحقيق شفاف ومستقل" في ملابسات اعتقال قاسم العاقل، مؤكدة على ضرورة وضع حد للتدخلات التي قد تقوض الثقة في مؤسسات المجلس على المستوى المحلي.
وأكدت أن "المجلس الانتقالي، باعتباره قوة سياسية تمثل قضية الجنوب، مطالب اليوم أكثر من أي وقت مضى بإظهار حسن النوايا والعمل على إنهاء هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن".
مخاوف من تداعيات أعمق
الحادثة الأخيرة ليست الأولى من نوعها، حيث شهدت الفترة الماضية عدة حوادث مشابهة تكشف عن تنامي الانقسامات داخل المجلس الانتقالي الجنوبي.
ومن شأن هذه الخلافات أن تؤثر سلبًا على مكانة المجلس كقوة سياسية فاعلة، خاصة في ظل الظروف المعقدة التي تعيشها اليمن.
ويرى مراقبون أن استمرار مثل هذه الصراعات قد يؤدي إلى تآكل الدعم الشعبي للمجلس، الذي يعتمد بشكل كبير على وحدة صفوفه وقدرته على تقديم نفسه كبديل مستقر للقوى السياسية الأخرى.
وفي حال لم يتم اتخاذ خطوات جدية لمعالجة هذه التحديات، فإن الانقسامات قد تتحول إلى أزمات أكبر تهدد ليس فقط وجود المجلس الانتقالي، بل أيضًا السلم الأهلي في المناطق الجنوبية.
ختامًا: الحاجة إلى حوار شامل
في ظل هذه التطورات المقلقة، يبدو أن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحًا لإجراء حوار شامل بين جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك قيادة المجلس الانتقالي، الشخصيات المحلية، والقبائل.
ويجب أن يكون الهدف من هذا الحوار هو تخفيف حدة التوترات، إعادة بناء الثقة، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي قد تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المناطق الجنوبية.
يبقى السؤال الآن: هل ستتمكن قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي من احتواء هذه الأزمة وتجاوز تداعياتها، أم أن الصراعات الداخلية ستستمر في تقويض دوره كقوة سياسية مؤثرة في المشهد اليمني؟