مقال ساخر .. التخطيط في اليمن عجائب تدهش العالم !!

استغربت بشدة عندما همس لي مسئول تركي زار اليمن مؤخرا وهو يتحدث عن الحكومة اليمنية والأحزاب اليمنية " بأنها تفتقر للتخطيط الاستراتيجي وأن الجميع بلا مشروع وطني أو استراتيجي " فقلت له مصححا : التخطيط في اليمن أكثر من الهم على القلب والمشاريع على قفا من يشيل والكل يخطط ضد الكل والخطط لا تتوقف والتخطيط في كل مكان وفي الحكومة وزارة كاملة للتخطيط ويقال بأن وزيرها بجوار تخطيطه للبلد خطط لأخيه وأقاربه وصارت كل العائلة والأقارب والأحباب يخططون ويجنون ثمار التخطيط ويا بخت من خطط وتخطط والأقربون أولى بالتخطيط !!
والتخطيط عندنا في الحكومة يتجاوز وزارة التخطيط وإنما كل مسئول كبير وصغير يخطط ، يخططون كيف يؤمنون مستقبلهم ومستقبل أولادهم بشركات في دبي وألمانيا وأمريكا وفي ماليزيا وغيرها من مشارق الأرض ومغاربها ويخططون كيف يوظفون أقاربهم وخبرتهم وكل مسئول يخطط كيف يبقى في السلطة أطول فترة ممكنة وكيف يمص ميزانيتها ويشفط مخصصاتها في مشاريع وهمية ومتعثرة ويخطط ويقدم دراسات وخطط لتنفيذ المشاريع المتعثرة والوهمية ويخطط كيف يتم إيقاف هذه المشاريع التي خصصت لتنفيذ المشاريع المتعثرة وكله تخطيط في تخطيط والساعة بخمسة ألف دولار والحسابة بتحسب !!
المسئول في اليمن يخطط ليل نهار كيف يسافر الخارج بمناسبة أو بدون مناسبة بمهمة أو بدون المهم يسافر وعلى حساب الوزارة ويعود لعمله بعد شم هواء ومتع نفسه ودلع روحه وعمل فحوصات طبية وتدليك ومساج واطمأن على تجارته ومشاريعه وأن كل شي تمام وكله من اجل المصلحة الوطنية العلياء.!!
والأحزاب في اليمن لديها دوائر للتخطيط يخطط القائمون عليها كيف يتجملون للأمين العام ويخططون من أين يشترون قات للمسئول الفلاني في الحزب ويخططون كيف يتملقون لرئيس الحزب وكيف يحصلون على مكافآت ويخططون على الأوراق أثناء مضغ القات خطط كفيلة بنجاح الحزب وتفرده بالرأي العام واكتساحه للساحة واستحواذه على المشهد السياسي لمدة قرن كامل وبعد مضغ القات يغيرون الخطط أو يلغونها أو يخططون لكيفية تعديلها وكله تخطيط في تخطيط وكله عند العرب صابون .!!
ولا يقتصر التخطيط في اليمن على الحكومة والأحزاب كله يخطط من أصغر مواطن إلى أكبر شيخ فالمواطن يخطط كيف يدبر قيمة القات وكيف يهرب من صاحب البقالة وكيف يتحايل على المؤجر وكيف يفر من أصحاب الديون وكيف يغالط زوجته وأطفاله ولا يعطيهم مصاريف وكله تخطيط في تخطيط.!!
والميسور يخطط أين يتغدى اليوم وأين يقيل وكيف يوسع تجارته وينمي علاقاته بالكبار وكيف يستولي على مصالح الغير وكيف يتزوج الثانية أو الثالثة أو الرابعة وأين يذهب هذا المساء إلى أي فلة أو منزل وإلى أي زوجة وكله تخطيط استراتيجي من حق أبو يمن !!
والخطط والخط لا ينتهي عند آخر الصفحة والكل يخطط ويخط على ورق العملة وعلى جدران المنازل والمباني والكل يكتب ذكرياته وقد يذيلها ببيت شعري :
إذا طال الزمان فلم تروني
فهذي ذكرياتي فذكروني
حمادي بن عبده
والذي يكتب على الحمامات هذا مكتب فلان أو مقيل علان والذي يشتم الجماعة الفلانية والذي يؤيد العصابة العلانية والذي يشتم علان والذي يمدح زعطان والذي يخط على السيارة أو على الباص " يا صاحبي لو طحت ما يرحموك الناس " والذي يكتب يا رب زوجني أو " روح ما عاش من تحداني وراح " أو " خذ لك نظرة وصلي على النبي " ولا أحد داري من أين يأخذ هذه النظرة ؟!!
والذي يشتري سيارة خردة مشقدفة تشتغل دهفة ويكتب عليها " ما شاء الله تبارك الله !! أو يعلق عليها حذاء ويكتب " عين الحسود بلى بالعمى " يعني على إي شبا يحسدوه ما أحد داري ؟!!
ويستمر التخطيط والخط والنخيط في اليمن إلى ما شاء الله وفاصل ونواصل الخط والتخطيط .!!