الجنرال.. ومراقصة الثعبان

لم يستطع صالح الصمود أمام الأمواج البشرية الهادرة في العام 2011 التي خرجت بالملايين في أكثر من 20 ساحة وميدان؛ مطالبة إياه بالرحيل.
سلمية الثورة في بلد يمتلك كل فرد فيه أكثر من بندقية كانت أكبر عائق أمامه وحالت دون استخدامه القوة رغم تنفيذ بعض المحاولات لكنها باءت بالفشل.

كان لانضمام علي محسن الأحمر للثورة وتأييده لها أثر كبير في ترنحه وتخلخل القبضة الحديدية التي أسند أدواتها القمعية لأفراد عائلته.

وتحت الضغط الشعبي الداخلي والخارجي رضخ صالح مستغلا المبادرة الخليجية وما وفرت له من مكاسب وقبل بالتوقيع وسلم السلطة صوريا للرئيس المنتخب عبد ربه منصور، واتجه مباشرة نحو العمل على تنفيذ خطة التفاف على الشعب اليمني فكانت جماعة الحوثي الورقة الرابحة والأداة المثلى في تحقيق طموحه.

الظروف المحيطة باليمن وشيطنة ثورات الربيع وبقاء أذرعه في تفاصيل الدولة العميقة، كلها عوامل مكنته من السير في مشروعه الانقلابي واستخدام الحوثيين أسوأ استخدام.

ومنذ عام ونصف وهذه المليشيات أداته في النيل من كل خصومه. ومن خلال ضباطه ومخابراته المتغلغلة في الجماعة وزع أفراد المليشيات في كل قرية ومنحهم السلاح وقدمهم قرابين لآلة الموت فعادوا على الأكتاف.

كان ضباط الحرس في إجازة مفتوحة وبقي الباب مفتوحا لمن أراد القتال فالتحق بالمليشيات عدد من المرتزقة والسلاليين.

ولما وهن عظم الجماعة كانت فكرة المجلس السياسي جاهزة وكان يوسف الفيشي يؤدي الدور المسنود إليه ويضع اللمسات الأخيرة، فتم طي صفحة اللجنة الثورية وحل المجلس مكانها ..

وحتى يبقى مصير المجلس تحت رحمته دعا المخلوع بقايا الأشباح في مجلس أشبه بارشيف مهترئ ليشرعنوا له؛ليقف الصماد أمام ما تبقى من يحيى الراعي ليؤدي اليمين الدستورية ..

عسكريا مازالت الجماعة المتصدرة للمشهد، ومازالت قابلة للاستعمال وبإمكان صالح تحريكها وابتزاز الآخرين بها وفي مقدمتهم دول الجوار، أما هو فقد حاول أن ينتقل بالمشهد الى مربع السياسة والفهلوة وأن يتقدم خطوتين للأمام محتفظابما تبقى من كرت الحوثيين لتنفيذ ما قد تتطلبه المرحلة القادمة من حقارة.

القيادة السعودية التي حاول صالح مغازلتها في خطابه الأخير كانت على دراية بألاعيبه ومكره فردت على تحركاته بمجموعة رسائل هو يفهمها، وفي المقابل كانت الشرعية تعد عدتها لمتطلبات المرحلة، وكان لجنرال هو الرد المناسب والمرشح لدخول الحلبة مباشرة وأن يكون هو المبارز الفعلي الذي يدرك خفايا ألعاب صالح وقوانين رقصة الثعابين.