محمد مصطفى العمراني
في نقد النخبة اليمنية
في نقد النخبة اليمنية : محمد مصطفى العمراني
مللت من متابعة الأخبار وقراءة التحليلات واستشراف المستقبل وتوقع متى تنتهي الحرب وتصور شكل التسوية السياسية القادمة .
قلبي موجوع مجروح وجسدي عليل بأمراض شتى وكلما أدخل الفيسبوك أقرأ منشورات كلها مكايدات ومزايدات ترفع لي السكري وتزيد الضغط وتوجع القلب وأتساءل: الا يمل هؤلاء من تعاطي السياسة وبتلك الطريقة التي تفتقر للتهذيب والرقي لقد قرأت مقالا لكاتب كبير ومعروف يصف فيه شخصية يمنية ب " الجحوة " وهو انحدار ما كنت أتوقع أننا سنصل إليه. !
قلوب الناس مجروحة ومثقلة بمخاوف شتى وغارقة في هموم لا حصر لها والنخبة اليمنية في وادي آخر لت وعجن ومكايدات ومزايدات وسباق في الفجور بالخصومة وتباري في شتم الخصم والنيل من الآخر وتسديد أهداف إعلامية في مرماه . !
أصبحنا محاصرون وكل أخبار بلادنا لا تسر لا عدوا ولا حبيب نموت من الجوع والمرض ويهان اليمني في كثير من مطارات العالم وبل لقد صار الإنسان اليمني موضع الشبهة ومتهم بالإرهاب خارج بلده هذا إذا تمكن من السفر أما في داخل بلده فالملايين هم في حكم السجناء والمنفيين في الوطن وأرقام في عداد العالقين المحاصرين بلا دولة ولا كرامة ولا راتب ومع هذا تدخل النخبة اليمنية في دوائر من التيه والصراعات والتراشقات والانشغال بالقضايا الإقليمية والدولية وتعجز عن تقديم اي مبادرات وحلول لمشاكل الواقع حتى لو لم تتفاعل معها الأطراف السياسية ودول الوصاية الإقليمية والدولية.
صدقوني من ينجح في رصف طريق بقرية جبلية أو يوفر رواتب لمعلمي مدرسة منطقته أو يبذل جهود خيرية ويوزع سلال غذائية على المحتاجين ويحل مشاكل الناس ويصلح ذات بينهم هو مثقف مسئول ويستحق التحية والشكر والتقدير أفضل ألف مرة ممن يكتبون المقالات وتنال منشوراتهم لآلاف الاعجابات والتعليقات ذلك أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) .
وذلك لأن الثقافة من وجهة نظري هي مسئولية لا موسوعية وصناعة الفرحة الحياتية للناس وما ينفع الناس هو ما يثمر في الدنيا والآخرة أما تلك المكايدات والمناكفات فستمضي نسيا منسيا إن لم تكن حسرة على كاتبها ووبال عليه وكسب للأعداء وصناعة للكراهية والاحقاد.
وقد أعجبني ما كتبه الصحفي أحمد الصباحي قبل أيام حين قال " قررت أن لا اخسر أصدقائي بسبب مواقف سياسية" وهي حقيقة نحتاج جميعا لتطبيقها فكسب القلوب أولى من كسب المواقف وكم من أشخاص قد خسروا أقاربهم ورفاق عمرهم بسبب منشورات ومواقف وجودها وعدمها سواء ولن تؤثر في الأحداث ولن تغير شيئا في الواقع .
كما قلت في البداية مللت من قراءة أغلب ما ينشر في الفيسبوك والمواقع الإخبارية فقط أدخل صفحة الكاتب الرائع محمود ياسين أقرأ ما يكتبه واندهش من لغته الرائعة واضحك بصحبة روحه المرحة ومنشوراته الفكاهية المعبرة عن الواقع بخفة ورشاقة ثم أتساءل : لماذا لا يكتبون مثله ؟ ثم أقول : هي موهبة يعطيها الله لمن يشاء ورزق خصه الله لهذا الإنسان.
أخيرا : ليست منشورات محمود ياسين وحدها ما تجعلني أدخل الفيسبوك فكتابات فهمي الأصور لها من وقتي نصيب .
أتمنى أن تدرك النخبة اليمنية أولوياتها وان نرتقي ونحن نكتب ونتجنب الفجور في الخصومة والانحدار باللغة وأن نحترم عقل القارئ ومشاعره وأن نكتب ما يثمر في الواقع أو يضيف للناس من فكرة أو معلومة أو حتى دعابة بريئة تضحك الناس في زمن ندرت فيه الفرحة والضحكة وكثر فيه القتل والموت من كل جانب .