المشهد اليمني
الإثنين 16 سبتمبر 2024 10:27 مـ 13 ربيع أول 1446 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
انقلابات عسكرية وشيكة وفرض واقع جديد في عدن ومارب وحضرموت وتعز!.. محلل سياسي يدق ناقوس الخطر سعودية تتوج بلقب ملكة جمال دبي 2024 .. شاهد من تكون؟ أبوراس يحذر من تقسيم اليمن: مليشيات الحوثي ترسخ مسار التقسيم مشاهدة مباراة الاهلي وبرسبوليس رابط بث مباشر وبدون تقطع ابطال اسيا للنخبه بعد العثور على جثة طفل.. إب تشهد مسلسلًا من الوفيات الغامضة داخل السيارات! وساطة قوية لإنقاذ رقبة سمية العاضي من الإعدام أول تحرك عسكري أمريكي إسرائيلي مشترك ضد الحوثيين بعد الهجوم بالصاروخ الباليستي على تل أبيب عاجل: مهمة الاتحاد الأوربي بالبحر الأحمر تعلن نجاح سحب السفينة اليونانية ”سونيون” دون أي تسرب نفطي عبر البث المباشر.. مشاهدة مباراة الأهلي السعودي أمام برسبوليس الإيراني بجودة HD بدون تقطيع اليابان تضع لمساتها في اليمن: مشروع ضخم يعيد الحياة ! شاهد: السعودية تعلن العمل لبناء أول محطة لإنتاج الطاقة النووية في المملكة طارق صالح في عدن يلتقي عيدروس الزبيدي ووفد من المجلس الانتقالي.. والإعلان عن تحرك مشترك مهم

محمد مصطفى العمراني

عن مستقبل العلاقة بين الحوثيين والمؤتمر

محمد مصطفى العمراني
محمد مصطفى العمراني

محمد مصطفى العمراني

من المؤكد أن الاشتباكات التي جرت موخرا في العاصمة اليمنية صنعاء أثناء اعتراض إحدى نقاط التفتيش الأمنية التابعة لجماعة الحوثي موكب " صلاح " نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح وقتل فيها العقيد خالد الرضي نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر قد أدخلت ما بقي من التحالف بين حزب المؤتمر وجماعة الحوثي منعطفا خطيرا إن لم نقل أنها قد قضت عليه بشكل تام وفتحت الأبواب على كل احتمالات الصراع بين الطرفين .

لقد تراكمت الخلافات بين المؤتمر وجماعة الحوثيين في اليمن خلال الفترة الماضية وظل الكثير من هذه الخلافات في الأطر الداخلية لقيادات الطرفين باستثناء بعض التصريحات والتناولات الإعلامية ثم كشف الحشد المؤتمري لفعالية الخميس 24 أغسطس الماضي بمناسبة الذكرى الـ 35 لتأسيس الحزب عن عمق الخلافات بين الطرفين حين أبدت قيادة جماعة الحوثيين معارضتها لتلك الفعالية التي مرت بسلام باستثناء بعض المشاكل التي تم احتواءها من قبل عقلاء الطرفين .

مرت فعالية المؤتمر بسلام وتنفس سكان العاصمة صنعاء الصعداء بعد أيام من القلق والتوجس لكن تلك الفعالية عمقت الشروخ بشكل أكبر بين الطرفين إذ دعت جماعة الحوثي إلى إقامة فعاليات جماهيرية مماثلة لفعالية المؤتمر وذلك في عدة أماكن في صنعاء ومحيطها كما قام مسلحو الحوثي باستعراض قوتهم العسكرية في ميدان السعبين بصنعاء عقب انتهاء فعالية المؤتمر وتواصلت التصريحات الإعلامية التي تزيد من رقعة الخلاف بين الطرفين رغم تأكيدهم على " وحدة الجبهة الداخلية ورفضها لكل محاولات شق الصف الوطني المقاوم للعدوان بأي شكل من الأشكال " .

• رسالة نارية من الحوثيين لصالح

بحسب الكثير من المراقبين فإن الأمور تتجه نحو المزيد من التأزم وأن الصراع المؤجل بين الطرفين قد ينفجر في أي لحظة خاصة بعد أن سال الدم بين الطرفين بمقتل العقيد خالد الرضي والمقرب جدا من الرئيس السابق صالح ونجله أحمد حيث يمثل قتله من قبل نقطة تفتيش للحوثيين كسرا لذراع صالح ورسالة نارية شديدة القسوة لصالح وللمؤتمر ومن المؤكد ان هذه الرسالة قد وصلت وفهمها صالح ولكن ما تزال ردة فعله غامضة حتى اللحظة حيث تجاهلت وسائل الإعلام التابعة للمؤتمر بشكل رسمي للحادثة ولم تشر إليها ولم تعلق عليها حتى صباح الأحد باستثناء خبر مقتضب في موقع التلفزيون التابع لصالح فضائية " اليمن اليوم " على الفيسبوك يؤكد فيها على " استشهاد العقيد خالد الرضي نائب رئيس دائرة العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر في جولة المصباحي بالعاصمة صنعاء بعملية غادرة وجبانه أقدمت عليها مليشيا الحوثيين " من جهتها أكدت وزارة الخارجية التابعة للحوثيين بصنعاء أن ما حدث هو اعتداء على اللجان الشعبية وأعلن بيان صادر عنها مقتل اثنين من عناصر اللجان الشعبية التابعة لجماعة الحوثي ولم يذكر البيان مقتل الرضي .

• توتر الأوضاع لن يقضي على فرص الوفاق

من المؤكد أن الوضع متوتر في العاصمة صنعاء بين المؤتمر والحوثيين ولكن فإنه من المبكر الجزم بأن الأمور ستتجه نحو الصراع المسلح وبشكل عاجل وشامل إذ أن وزارة الداخلية بصنعاء أكدت حينها أن " قوات أمن العاصمة والأمن المركزي تدخلت لاحتواء الموقف وأن لجنة مشكلة من المجلس السياسي باشرت التحقيق في الحادثة " كما دعا القيادي الحوثي المعروف بتوجهات المعادية لصالح محمد علي الحوثي الجميع إلى " ضبط النفس والالتزام من الجميع وأن تبقى الجبهة ـ يقصد مواجهة التحالف ـ الاولوية للجميع والله الشاهد على الجميع ".

لقد تم احتواء القضية وهذا ما يبدو حتى الآن ومثلما يرى البعض بأن الصراع المسلح في صنعاء بين المؤتمر والحوثيين بات من المتحمل حدوثه في أي لحظة فإن تحركات العقلاء والحكماء لاحتواء الموقف قد تنجح خاصة مع رغبة حزب المؤتمر في التهدئة وعدم الانجرار للصراع وعادات وتقاليد المجتمع اليمني إذ ان التحكيم القبلي ينجح دائما في إطفاء نيران مشاكل كبيرة تكاد تشب بين الجهات والشخصيات السياسية والقبلية ووساطة قبلية من عدة مشايخ وذبح ثور أو أكثر أمام منزل أي أسرة يمنية من شأنها أن توقف التصعيد في أي قضية مهما كبرت ومن المتوقع أن عقلاء وحكماء من الطرفين سيتدخلون لحل قضية مقتل القيادي المؤتمري خالد الرضي وأن بوادر اتفاق تلوح بالأفق رغم توتر الأجواء .

يرى الكثير من المراقبين بأن الرئيس السابق صالح لا يرغب بتفجير الصراع مع الحوثيين الآن خاصة وأنه يدرك أن هزيمتهم ليس بالأمر السهل مدى قوتهم وسيطرتهم على أجهزة الدولة بالعاصمة وصالح لن يقدم على معركة شاملة معهم إلا إذا ضمن انتصار فيها وفي الوقت نفسه يكون قد أبرم صفقة مضمونة مع التحالف لكن ما يحدث حتى الآن هو خضوع من صالح وقيادة المؤتمر للحوثيين وهو أمر محير خاصة وأن المؤتمر يمتلك شعبية واسعة وجمهور كبير ولدية أوراق قوة وخبرة سياسية والسؤال الذي يطرح نفسه : هل يكون هذا الخضوع عن قلة حيلة فعلا أم أنه مراوغة وتكتيك وقتي ؟!

• المؤتمر وتقييم التحالف مع الحوثيين

يطالب الكثير من قيادات المؤتمر بإعادة تقييم العلاقة مع الحوثيين ووضع حدا لتجاوزاتهم في تسيير أمور مؤسسات الدولة وكذلك ممارساتهم بحق بعض قيادات المؤتمر وتعطيل حكومة " الإنقاذ " بصنعاء وبناء تحالف على أسس وطنية واضحة وقد أكد بيان الحزب في فعالية الذكرى الـ 35 لتأسيس الحزب في 24 أغسطس الجاري على هذا المبدأ حيث نص بيان الحزب على أنه " فيما يتعلّق بالاتفاق السياسي مع أنصار الله ومرور عام من الشراكة في المجلس السياسي وحكومة الإنقاذ الوطني فإن المؤتمر الشعبي العام عازم على تقييم مسار علاقات الشراكة والالتزام بأسس ومضامين الإتفاق السياسي الموقّع يوم الـ28 من شهر يوليو 2016م وبما يعزز قيام مؤسسات الدولة بدورها وفقاً للدستور والقوانين النافذة ويعزز الشراكة الحقيقية ويمنع أي تداخل أو تدخل في صلاحيات المؤسسات وإعطاء الأولوية للمهمة الوطنية المقدّسة في مواجهة العدوان كون ذلك بالنسبة للمؤتمر الشعبي العام وجماهيره خياراً ثابتاً مهما كانت الظروف والنتائج " .

• شروط الطرفين لاستمرار تحالفهم

من وجهة نظر الكثير من المحللين فإن قضية مقتل العقيد الرضي يمكن حلها بوساطة أو تحكيم قبلي وباتفاق جديد بين المؤتمر والحوثيين ولكن الإشكالية أن هناك فقدان للثقة بين الجانبين فبينما لم تعلن جماعة الحوثي شروطها لبقاء التحالف مع المؤتمر أكدت وسائل إعلام تابعة للأخير انه يشترط لاستمرار التحالف مع الحوثيين في حكومة " الإنقاذ " بصنعاء حزمة من الشروط أهمها : تصحيح الاوضاع القائمة الآن بحيث تقوم جماعة الحوثي بحل " اللجنة الثورية " نهائيا ووقف تدخل القيادي محمد علي الحوثي بشؤون الحكومة والمجلس السياسي وكذلك محاسبه الفاسدين من الحوثيين وعدم تغيير المناهج التعليمية وتحييد الاعلام الرسمي واخلاء المؤسسات الحكومية من المشرفين التابعين للجماعة وتطبيق النظام والقانون على بما فيهم " المشرفين " من الحوثيين على المؤسسات الحكومة والذي يشكلون سلطة أعلى من الوزراء أحيانا .

كما أن هناك مقترح داخل حزب المؤتمر أن ينسحب الحزب من حكومة الإنقاذ بصنعاء ويبقى التحالف في الشق العسكري والأمني وأعتقد أن خطوة كهذه في حال تمت لن تحل الإشكال خاصة وأن جماعة الحوثي لا تقبل بوجود معارضة ولو في الحد الأدنى منها ولا خبرة لها في التعاطي السياسي مع تعددية حقيقية.

لدى الحوثيين مخاوف من إبرام صالح لصفقة مع التحالف على حساب الجماعة وهو ما تعتبره طعنة في الظهر وخيانة كما أنها تتهم صالح بالتقاعس عن رفد الجبهات بالمقاتلين ورغم أن صالح أعلن في كلمته بفعالية المؤتمر بميدان السبعين استعداد المؤتمر لرفد الجبهات بعشرات الآلاف من المقاتلين لكن الذي لم يقله حينها هو ان هذا مرتبط بمدى الاتفاق المستقبلي مع الحوثيين .

قيادات من الحوثيين صارت ترى في الرئيس السابق صالح عقبة أمام الجماعة وصارت تدعو إلى وضع حد لفساده مطمئنة إلى قوة الجماعة وهذا ما ألمح إليه القيادي الحوثي محمد البخيتي في حديثه لقناة " روسيا اليوم " حيث أكد أن صالح لم يعد يمتلك شي وأن جماعته هم الكل في الكل وأن صالح حتى لو دعا انصاره الآن فلن يستجيبوا له لأنه خيب آمالهم في فعالية ذكرى تأسيس المؤتمر مؤخرا .

• الخلاصة

وخلاصة القول أن العلاقة بين المؤتمر والحوثيين تمر بمرحلة حرجة ومرشحة للوصول إلى مرحلة اللاعودة بل والصراع المسلح وفي الوقت نفسه من الممكن أن يستمر التحالف بين الطرفين مستقبلا إذ أن بقاء هذا التحالف وتفككه مرتبط عدة عوامل أهمها :

1 ــ مدى قدرة العقلاء والحكماء من الطرفين على تجاوز واحتواء المشاكل والأحداث التي تحدث بين الطرفين .

2 ــ قيام الطرفان بضبط النفس ووضع حدا لدعاة الصراع ووضع ضوابط وآليات تضمن عدم حدوث المشاكل مستقبلا أو الاندفاع وراء ردة الفعل والاستجابة للمكايدات والتأثر سلبا بأي حدث .

3 ــ إلتزام كل طرف بالاستجابة لشروط الطرف الآخر أو لأهمها على الأقل حتى تتهيأ الأرضية لاتفاق جديد أو رفض هذه الشروط وعدم الاستجابة إليها .

4 ــ مدى قدرة المؤتمر على طمأنة الحوثيين بعدم وجود أي صفقة مع التحالف على حساب الجماعة .

5ــ استمرار العمليات العسكرية للتحالف حيث تشكل المبرر الاول لبقاء التحالف وعدم انزلاق الأوضاع للصراع هو استمرار ما يسمونه بـ " العدوان على اليمن " .

6 ـ الرغبة لدى الأطراف الإقليمية والدولية في الزج بالأمور بصنعاء في الصراع المسلح أو غياب هذه الرغبة وعدم وجود أي صفقة مع أحد الاطراف أو دعمه على حساب الطرف الآخر .

7 ــ التزام الإعلام التابع لكل طرف بالتهدئة وعدم التحريض والتحشيد ضد الطرف الآخر أو العكس .

8 ــ التصريحات التي يطلقها قيادات الطرفين والتي تدعو للقتال وتحرض على الصراع أو تدعو للتهدئة وضبط النفس والتصالح .

9 ــ استجابة الطرفان لمخاوف المدنيين في صنعاء حيث يسكنها أكثر من 3 مليون شخص من مختلف أنحاء اليمن بعضهم من النازحين من الحرب الدائرة في عدة جبهات داخل اليمن .

10 ــ اقتناع الطرفان أو أحدهما بأن مصالحهم تكمن في ابقاء التحالف وأن أي طرف لن يتغلب على الآخر وأن هذا الصراع لو حدث سيقضي عليهما ويدمر انجازاتهم التي حققوها مؤخرا .

11- اقتناع الطرفان بأن الصراع المسلح بينهما ستسفيد من قوات الجيش الوطني والمقاومة وسيؤثر بشكل سلبي على قواتهم في الجبهات خاصة وأن هناك تقدم للجيش الوطني في جبهة ميدي بحجة بعد سنوات من الحرب هناك .

وعموما مثلما نجحت جهود التهدئة حتى الآن فإن كل الاحتمالات تظل واردة ولكن من المؤكد أن الأمور في صنعاء تميل لصالح جماعة الحوثي مقابل رضوخ حزب الموتمر وتواصل خسارته ولكن هل سيستمر هذا الوضع أم أنه سيتغير ؟

هذا ما ستجيب عنه الأحداث في الأيام والاسابيع القادمة وحينها لكل حادث حديث ولكل مقام مقال .