هل تنقلب دمشق على طهران؟ شروط أمريكية قاسية مقابل رفع العقوبات

في ظل الحصار الاقتصادي المستمر والضغوط الدبلوماسية المتزايدة، وجدت سوريا نفسها عند مفترق طرق قد يُعيد تشكيل علاقاتها الخارجية بالكامل. فهل تستمر دمشق في تحالفها الوثيق مع إيران وحزب الله، أم تستجيب للشروط الأميركية الصارمة للخروج من عزلتها وتحسين أوضاعها الداخلية؟ تقارير جديدة تكشف عن تحولات إقليمية جذرية ومؤشرات على انفتاح سياسي غير مسبوق، وسط تكهنات بدور خفي لدول الخليج وتركيا في رسم ملامح سوريا المقبلة.
مطالب أمريكية حادة وتوجه جديد من دمشق
بحسب ما نقلته وسائل إعلام دولية، وضعت الإدارة الأمريكية مجموعة من الشروط على طاولة دمشق كمدخل لرفع العقوبات المفروضة منذ سنوات. تتضمن هذه المطالب إبعاد النفوذ الإيراني عن الأراضي السورية، وتفكيك الفصائل الفلسطينية المسلحة، وتصنيف الحرس الثوري الإيراني وحزب الله كمنظمات إرهابية. كما دعت واشنطن إلى إعادة هيكلة الجيش السوري ومنع المقاتلين الأجانب من تولي مناصب قيادية، وتسليم عائلات عناصر تنظيم الدولة المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية.
رسائل سياسية وراء اعتقالات مفاجئة في دمشق
أثار توقيف قياديين من حركة الجهاد الإسلامي في العاصمة السورية، بعد أقل من يومين على زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، جدلا واسعا. فالحركة تُعد حليفا أساسيا لطهران، واعتقال عناصرها يشي بتغير في أولويات النظام السوري. مراقبون اعتبروا أن هذه التحركات تحمل رسائل تتجاوز الإطار الأمني، وتشير إلى بداية تخلٍ عن جماعات غير رسمية لطالما استخدمتها دمشق كورقة ضغط إقليمية.
دمشق تنأى بنفسها عن المحاور وتقترب من الخليج
يرى الباحث السياسي بسام سليمان أن سوريا تسير نحو إعادة تموضع إقليمي يبتعد عن دعم الجماعات المسلحة، ويركز على العلاقات مع الدول، خصوصا الخليج وتركيا. ويضيف أن دمشق قد بدأت فعلا تقليص الروابط مع طهران وحزب الله، خاصة في ظل دعم الحزب لعمليات عسكرية على الحدود مع لبنان، مما تسبب في توتر متزايد مع القيادة السورية. ويؤكد أن الأولوية اليوم للاقتصاد والاستقرار وليس للصراعات العابرة للحدود.
إمكانية انفتاح تجاه إسرائيل ضمن ترتيبات إقليمية
لم تستبعد بعض المصادر الدبلوماسية أن يكون هناك انفتاح سوري تجاه اتفاقات أمنية مع إسرائيل، في إطار صفقة إقليمية أوسع تقودها دول خليجية وتُمهّد لتسويات كبرى. ويشدد سليمان على أن أي تقارب محتمل مع تل أبيب سيكون في سياق عربي مشترك، لا كاستجابة مباشرة للضغوط الأمريكية، مشيرًا إلى أن دمشق تتخذ خطواتها بحذر، ضمن مسارات تضمن لها البقاء وتحقيق التنمية، دون الدخول في محاور جديدة تعيدها إلى نقطة الصفر.
سوريا الجديدة.. التنمية بدل المواجهة
في ضوء هذه التحولات، يتجه النظام السوري إلى إعطاء الأولوية للاقتصاد وتحسين المعيشة، بعيدًا عن النزاعات الإقليمية التي أرهقت البلاد لعقد كامل. ورغم أن الخطوات لا تزال خجولة، إلا أن المؤشرات توحي بأن دمشق تتهيأ لمرحلة جديدة من الانفتاح السياسي والانخراط في مسارات دبلوماسية واقتصادية أكثر توازنًا، في محاولة لفك الطوق المفروض عليها، دون خسارة كاملة لحلفائها، لكن مع إعادة صياغة قواعد اللعبة والتحالفات.