يحيى الثلايا
وداعا لسان اليمن وتاريخها ومجدها وجمالها
منذ سنين وأنا اشتاق للتعرف على حارس المجد اليماني ولسان حمير المبين الأستاذ الجليل مطهر بن علي الارياني رحمة الله تغشاه.
من يعرف ولو قليلا عن تاريخ اليمن المشرق ويزهو بحضارتها وبأقيالها ومن لهم سبق الذود عنها فهو بالتأكيد يدرك معنى وعظمة أن تلتقي القاضي والمؤرخ والمحارب القحطاني الشامخ مطهر بن علي الارياني اليحصبي اليماني.
ليس أجمل ولا أرق في الفن الغنائي اليمني والتراث من تلك القصائد التي كتبها مطهر رحمة الله عليه.
كثيرا ما كتبت في صفحتي من شعره وغنائه وخاطبته في أكثر من صباح، فالصباح اليماني والريفي يذكرني دوما بمطهر سليل أسرة العلم والنضال والوطنية الخالصة.
في شهر يناير من العام الماضي تقريبا تواصل معي شاب وصديق عزيز هو الاخ بلال الأشول يبدي رغبته في اسداء معروف لي بتحقيق رغبتي في لقاء المعلم الكبير مطهر الارياني لما قرأه لي من منشورات تكشف حبي للاستاذ الكبير.
تحدد الموعد وتخلفت عن اللقاء لعذر ما وزاره بلال الاشول والحبيبان محمد صلاح ونجيب اليافعي.
لم أندم على موعد فاتني مثل موعد مطهر.
وكان لابد من البحث عن موعد ثان، وكنت اخشى أن يأتي يوم كهذا او نفترق قبل التلاقي.
عقدنا موعدا ثانيا للقاء أبانا الذي لطالما أوجعت سهامه وقذائفه الامامة أيما وجع.
ظهرا وقفنا بباب منزل الارياني المؤرخ والشاعر والسياسي والمحارب الجمهوري اليماني انا وبلال، كنت أشعر بهيبة الموقف واتهيب لحظة الوقوف أمام موسوعة تحتضن أكثر من ألفي عام من الشموخ القحطاني والحكمة والفن والتراث والجمال.
لم يتاح لنا اللقاء لأن مطهر لم يكن مستعدا لمقابلة زوار في تلك اللحظة، وحين طال انتظارنا ربما شعر المهندس النبيل أيمن مطهر نجل الراحل بالحرج منا، لكن رجلا بلغ من العمر 83 عاما كان لابد من مراعاة ظروفه ومزاجه رحمة الله عليه.
كان مطهر المحارب الجمهوري فترة محاولتنا زيارته ساخطا وغاضبا ومزاجه متقلبا فالإرياني مطهر الذي ظل محاربا شرسا للإمامة طيلة حياته لم يكن يهن عليه أن يعيش يوما في صنعاء الجمهورية وقد عاد اليها اعداؤها، وحسب مقربين منه فقد كان في أيامه الاخيرة موجوعا كصنعاء وكسيرا كسبتمبر المغدورة.
اتصلت اليوم بالعزيز بلال الاشول لنتشارك العزاء مع بعضنا فكان كعادته مبادرا ما لبث أن ناولني المهندس مطهر الذي تبادلت واياه العزاء في والده ووالد كل الأحرار والحالمين باليمن الكريمة.
اليوم .. رحل مطهر بعد حياة كلها اباء وجمهورية وشموخ قحطاني.
رحل مطهر عن تراث يصلح لأن يبني هوية اليمانيين ويصوغها من جديد.
ربما من حسن حظنا نحن جيل اليمن اليوم أن مطهر ترك تراثا خالدا كفيلا بأن يعيد للجمهورية ولبني قحطان وهجا ونورا مبينا.
السلام عليك أبا أيمن في الخالدين.
السلام عليك ما ردد اليمنيون البالة وتشردوا في المهجر، السلام عليك ما تضلل جنود الجمهورية تحت التالقة، وما سال وادي بنا، السلام عليك كلما ادركنا ان المراحل طوال، سلام عليك بحجم حضارة القحطانيين وبحجم قبح الامامة، وبقداسة الجمهورية ايها العظيم.
لأيمن ونشوان ولكل ال الارياني العظماء خالص العزاء، والعزاء لي ولبلال الاشول ومحمد صلاح وفتحي أبو النصر ونجيب اليافعي وهائل سلام وخالد الرويشان ولعبد المجيد التركي ومروان كامل وكل المفجوعين برحيله.
عزاؤنا أنك تركت ميراثا ينير الدروب أبا أيمن فرحمة الله تغشاك في كل حين.