ما أقبح عيوب اللغة عند الصحفيين

ونحن نقرأ في المواقع الإعلامية والصحفية اليمنية نجد العجب العجاب من ناحية اللغة؛ فحتى أطفال الثمانينيات الذين كانوا في الابتدائية لا يخطئون خطأ الصحفيين خريجي جامعات اليوم.
يراسلني صديق لي درس معي الابتدائية في الثمانينيات ونسبة الخطأ في رسائله لا تتعدى 3% من مجموع ما يكتب، بينما (الصحفيون) اليوم نسبة الخطأ في لغتهم تتعدى 50%.
من عود نفسه ولسانه على استقامة اللغة إن وقعت عيناه على كلمة، وخاصة من البديهيات (الفاعل والمفعول، والجار والمجرور) لكأنما أصاب عينيه سهم خارق، أو إذا سمع خطأ معلوماً من مذيع لكأنما مسه ماس كهربائي.
ذات مرة في جامع جامعة صنعاء في منتصف التسعينيات، كنا نصلي التراويح بعد قارئ شجي الصوت، عذب الأداء، وصادف أن كان معنا في الصلاة الأستاذ الدكتور كاظم الزبيدي -يرحمه الله- أستاذ النحو العربي في قسم الدراسات الإسلامية، وكنت أسمع عنه ولا أعرفه من كثرة الثناء عليه.
قرأ القارئ حينها الآية من سورة البقرة (وإذ ابتلى إبراهيم ربه) فرفع المفعول (إبراهيم، ونصب الفاعل ربه، فكأنما مسني ماس كهربائي كدت أخرج عن طوري وصرخت فيه ملء الجامع، وإذا بمن جانبي كل واحد يكزني بمرفقه.
ماكدنا نخلص الصلاة حتى انتفضنا نصرخ في وجهه، وتعجبت من رجل شاركني نفس الإحساس، ولما سألته عرفني بنفسه، وكانت أجمل صدفة ليلتها أن تعرفت على ذلك العلم الشامخ.
يقول بعض العلماء (علماء اللغة): أربعة مواضع في القرآن الكريم إن قرأتها متعمداً غير ساهٍ يمكن أن يقود ذلك إلى الكفر؛ قوله تعالى: (وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه..) إن عكست فيها الفاعل والمفعول، وقوله تعالى: (أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ..} إذا جررت رسوله، وقوله تعالى: {وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ} إذا قرأت الله ورسوله بالرفع، وقوله تعالى: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} إذا قرأت لفظ الجلالة بالرفع..
قدم أعرابي في خلافة عمر، فقال: "من يقرئني شيئاً مما أنزل على محمد"؟
فأقرأه رجل سورة براءة بهذا اللحن {أن الله بريء من المشركين ورسولِه..}، فقال الأعرابي: إن يكن الله قد برئ من رسوله فأنا أبرأ مما برئ منه الله!!
فبلغ عمر بن الخطاب ذلك، فدعاه، فقال: "يا أمير المؤمنين..إني قدمت المدينة...وقص عليه القصة.."، فقال له عمر: "ليس هكذا يا أعرابي"، فقال: "كيف هي يا أمير المؤمنين"؟!
قال عمر: {أن الله بريء من المشركين ورسولُه..}، فقال الأعرابي: "وأنا أبرأ ممن برئ الله ورسوله منهم.."، فأمر عمر أن لا يقرئ القرآن إلا عالم باللغة.

في أيام متعددة جلست أتابع نشرة الأخبار لعدة مذيعين في استوديو قناة ما (ليس مهم التسمية)، فكنت أصاب كل مرة بالصداع من كثرة الأخطاء وأنا أنفعل أصحح على الهواء فما كان من المخرج إلا أن قال لي: "أخرج بحجر الله قبل أن تفقد أعصابك ولا تعود"
الرسول صلى الله عليه وسلم سمع أحد الناس يلحن فقال: "أرشدوا أخاكم فإنه قد ضل". وفي واقعة أخرى، وحديث آخر، قال: "رحم الله امرءاً أصلح من لسانه".
وكان أبو بكر الصديق يقول: "لأن أقرأ فأسقط أحب إلي من أن أقرأ فألحن".
ومر عمر -رضي الله عنه- على قوم يسيئون الرمي فقرعهم، فقال أحدهم: "إنا قوم متعلمين"، فأعرض مغضباً وقال: "لخطؤكم في لسانكم أشد علي من خطئكم في رميكم"!
وذات مرة ورد عمراً كتاب أوله "من أبو موسى الأشعري"، فكتب عمر لأبي موسى بضرب الكاتب سوطاً!
ونسب إلى عمر -رضي الله عنه- قولة مأثورة "تعلموا العربية فإنها تثبت العقل وتزيد في المروءة".