المشهد اليمني
الثلاثاء 2 يوليو 2024 05:21 صـ 26 ذو الحجة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
رونالدو أضاع ركلة جزاء والحارس يقود البرتغال للفوز والتأهل لربع نهائي يورو 2024” تعرف على 6 أسباب ستدفعك لتناول البصل يوميًا الاستسلام او الموت ...الحصار يزداد على مليشيا الحوثي والدخول في ورطة وانعدام الخيارات امامها بعد خطفهم للطائرات ألوية درع الوطن تُصدر تحذير هام وتتوعد ”صوت العدالة مكتوم: صورة القاضي قطران تُظهر وحشية الحوثيين!” حمام دم قادم بصنعاء وانفجار وشيك لصراع الأجنحة بجماعة الحوثي.. ومصدر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة صدمة في صنعاء: اغتصاب طفلة في التاسعة من عمرها على يد مواطن ثلاثيني يثير غضب الأهالي الكشف عن فندق ضخم في البصرة مملوك لقيادي حوثي كبير يثير غضبا شعبيا ” المواطن اليمني هو ”الجدار القصير” لاعباء الحوثيين...نائب في برلمان الحوثيين يشن هجوما على المليشيات ضربة في غاية الدهاء.. عضو ثورية الحوثي: الجماعة وقعت في فخ خبيث وفضيحة مدوية باحتجاز طائرات اليمنية النهاية للحوثيين... الكشف عن الخطوة الحاسمة للحكومة الشرعية ضد مليشيا الحوثي والتي ستنهي المليشيات بعد الهجوم على شبوة وتصدي العمالقة...هجوم حوثي كبير على محافظة جنوبية وقوات الجيش تتصدى

ملكة سبأ بين الجدل التاريخي والتدوين الأسطوري.. دراسة تحليلية في ضوء النص القرآني (الحلقة الأولى)

في سلسلة حلقات متتالية نوردها عن ملكة سبأ التي تسمى عند الإخباريين جزافاً بـ"الملكة بلقيس" سنحاول تقديم إحاطة شاملة بقصتها والجدل الذي يثار بين فترة وأخرى عنها وعن مملكتها في ضوء تحليل قصتها الواردة في سورة النمل من القرآن الكريم مقارنة بمصادر تاريخية أخرى..

مقدمة:
شكلت قصة ملكة سبأ، أو كما يحلو للبعض تسميتها بـ"بلقيس"، مع نبي الله سليمان، كثيراَ من التساؤلات لدى المهتمين والباحثين؛ جنسيتها، موطنها، وكذلك اسمها، وكثير من الشعوب تنسبها إليها، بشكل أو بآخر، مع أن القرآن الكريم كان واضحاً كل الوضوح في تحديد جنسيتها وموطنها، مقارنة مع نصوص أخرى، ولكن دون ذكر اسمها.
نحن في هذا البحث نمضي في تتبع سيرتها وتحليل نصوص القرآن الكريم التي أوردت القصة، بالمقارنة مع نقوش مسندية أو أحداث تاريخية مصاحبة أو مقاربة، بعيداً عن أية أساطير أو أخبار لا تستند إلى أدلة حقيقية تاريخية أو آثارية، حتى تأتي اكتشافات أخرى لتنفض عنها غبار التقول والتكهن, والتحول إلى الحقيقة الكاملة.
لم يستطع أحد من المؤرخين الأوائل، ولا المحدثين، أن يصل إلى نتيجة مُرضية وحقيقة دامغة بشأن تحديد اسم ملكة سبأ التي ورد ذكرها في القرآن الكريم والتي قابلت نبي الله سليمان - عليه السلام-، في القرن العاشر قبل الميلاد.
الأكثر غموضاً في توثيق هذه القصة والزيارة أنه لم يرد أي نص مسندي لهذه القصة، أو أنه لما يكشف بعد، بالضبط كما هو الحال عن عدم وجود أية نصوص أو شواهد آثارية لمملكة سليمان التي دونها القرآن الكريم، رغم محاولات إسرائيل الحثيثة والتي لا تهدأ بحثاً عن أية شواهد أو آثار لبقايا مملكته.
ولم يكن الغموض في ذكرها في هذه النقوش وحسب، بل إنه لم ترد أية إشارة حتى للديانة اليهودية كديانة لها بعد اعتناقها أثناء لقائها النبي/الملك سليمان، في هذه النقوش مع أن اليمنيين لم يتركوا شاردة ولا واردة إلا ودونوها في نقوشهم، مثلها مثل حملة إيليوس جالوس على اليمن عام 25 ق.م، لم تذكر مطلقاً في النقوش!
كما لن يستطيع أحد اليوم أن يقول إنه يمتلك الحقيقة في معرفتها أو يحيطٌ علماً بتاريخها؛ كون كل ما أثير من أحاديث وجدل حولها لم يكن إلا ضرب من التكهن والاستنباط والتفسير لما جاء عنها في الكتب المقدسة الثلاثة؛ التوراة والإنجيل والقرآن، دون حتى تحديد اسم لها. والسبب يعود إلى شيء بسيط وهو أنه لم يجد المؤرخون ولا الآثاريون أي دليل مادي أو نقوش مسندية يذكرها بالإسم، أو يذكر صفاتها وحدثها، كما ذكرها القرآن الكريم.
فكل الكتب المقدسة منذ العهد القديم والعهد الجديد، وحتى القرآن الكريم، لم تذكر اسمها مطلقاً بل ذكرت صفتها بأنها ملكة سبأ فقط.
لكن كتب المؤرخين الإخباريين والمفسرين هي التي تذكر أن لها اسماً هو "بلقيس"، دون الاعتماد على أي دليل علمي يقيني.
ونحن من هذا الباب سنلتزم ذكر صفتها كما ورد في القرآن الكريم فقط حتى يتم الكشف عن أي نقش مسندي يذكر اسمها الحقيقي ويؤرخ لها كما أرخوا لملوكهم الأقدمين، إلا ما كان اضطرارياً للتوضيح وإثراء البحث.
سيجد القارئ أننا في هذا البحث لم نتطرق إلى قصتها من خلال قصص المؤرخين العرب واليمنيين الذين اعتمدوا على الخيال، أو الروايات والأساطير الشفوية التي لا تمتلك أية أدلة، ولذلك عزفنا عنها تجنباً للتكرار والحشو والبعد عن الأساطير.
فتسمية "بلقيس" هو من خيال الإخباريين الذين حشوا كتبهم بالأساطير والتكهنات، وعدم الاعتماد على أية دلائل أو حقائق علمية، بل اعتماداً على روايات إسرائيلية وتواترية شفوية عربية، سار على إثرها المؤرخون الإخباريون اليمنيون والعرب، فزادوا بها ونقصوا، أو بالغوا وتاهوا.
فمن خلال التحليل للنص القرآني سياقاً ومعنىً، وبالمقارنة التاريخية، سنجد بعض الحقائق والكشف عن بعض الغموض في قصتها من البداية التي بدأ بها القرآن الكريم ذاته.
وتكمن أهمية هذا البحث في أن دراسته المقارنة والمقاربة بين النص واللفظ القرآني بالشواهد التاريخية لمملكة سبأ، ليقرب المسافة بين القصة وأحداثها من زوايا مختلفة ويرسم ملامح أبحاثٍ تمضي في التنقيب عن صاحبة القصة في الشواهد واللقى الآثارية، لنجعل من النص القرآني خارطة طريق في هذا الاتجاه والوصول إلى الهدف.
فمن خلال إشارات الألفاظ، بعد تحليلها، ربما يجعل المؤرخين يراجعون الفترات الزمنية للنصوص واللقى الأثرية التي يرى الباحث أنها موغلة في القدم قبل القصة ولقاء ملكة سبأ بسليمان؛ كون كل النصوص التي وجدت حتى الآن لم تشر ولا بلفظ واحد لا للحدث ولا لوجود أية ديانة يهودية على الأرض السبئية قبل الميلاد.
هناك دراسات سابقة تناولت القصة والحدث من زوايا تاريخية متعددة قديماً أفرد لها أبواب في كتب التاريخ كما في الإكليل عند الهمداني، وكذا تاريخ الطبري، وتاريخ ابن الأثير، وورود قصتها في كتب التفاسير من خلال قصتها في القرآن الكريم، كما عند ابن كثير الدمشقي وغيره.
إلا أنه في العصر الحديث هناك من أفرد لها كتباً خاصة وإحاطة شاملة وعلى رأسها دراسة "بلقيس امرأة الألغاز وشيطانة الجنس" لزياد منى، وكذا "الملكة بلقيس.. التاريخ والأسطورة والرمز" للدكتورة بلقيس الحضراني، و"قصة بلقيس مع نبي الله سليمان" للمرتضى المحطوري؛ لكن المحطوري تناولها من جانب نقل الإخباريين، وكما تناول قصتها المفسرون في القرآن الكريم، ولم يعتمد على الشواهد التاريخية الآثارية.
كما لم تخل كتب التاريخ الحديثة من التعرض لهذه القصة بطريقة أو بأخرى، كما هو الحال في "المفصل" لجواد علي، وأيضاً في القصص والتراث الحبشي، وكذا آخرين. لكن يبقى النقص عند الجميع أن لا شاهد من مسانيد يمنية على القصة حتى الآن.
غير أن جل من ذكر قصة هذه الملكة يذهب إلى تسميتها بـ"بلقيس"، ونحن لم نلتزم بما ألزموا به أنفسهم من هذه التسمية، وأطلقنا عليها الصفة العامة، كما في القرآن الكريم (ملكة سبأ).