المشهد اليمني
الثلاثاء 2 يوليو 2024 05:04 صـ 26 ذو الحجة 1445 هـ
المشهد اليمني رئيس التحريرعبد الرحمن البيل
رونالدو أضاع ركلة جزاء والحارس يقود البرتغال للفوز والتأهل لربع نهائي يورو 2024” تعرف على 6 أسباب ستدفعك لتناول البصل يوميًا الاستسلام او الموت ...الحصار يزداد على مليشيا الحوثي والدخول في ورطة وانعدام الخيارات امامها بعد خطفهم للطائرات ألوية درع الوطن تُصدر تحذير هام وتتوعد ”صوت العدالة مكتوم: صورة القاضي قطران تُظهر وحشية الحوثيين!” حمام دم قادم بصنعاء وانفجار وشيك لصراع الأجنحة بجماعة الحوثي.. ومصدر: هذا ما سيحدث خلال الأيام القادمة صدمة في صنعاء: اغتصاب طفلة في التاسعة من عمرها على يد مواطن ثلاثيني يثير غضب الأهالي الكشف عن فندق ضخم في البصرة مملوك لقيادي حوثي كبير يثير غضبا شعبيا ” المواطن اليمني هو ”الجدار القصير” لاعباء الحوثيين...نائب في برلمان الحوثيين يشن هجوما على المليشيات ضربة في غاية الدهاء.. عضو ثورية الحوثي: الجماعة وقعت في فخ خبيث وفضيحة مدوية باحتجاز طائرات اليمنية النهاية للحوثيين... الكشف عن الخطوة الحاسمة للحكومة الشرعية ضد مليشيا الحوثي والتي ستنهي المليشيات بعد الهجوم على شبوة وتصدي العمالقة...هجوم حوثي كبير على محافظة جنوبية وقوات الجيش تتصدى

توفيق السامعي

إيران تفتعل مشاكل الحج وتسعى للسيطرة على المشاعر المقدسة

توفيق السامعي
توفيق السامعي

أعلنت السلطات الإيرانية قبل أيام أنها لن توفد حجاجاً إيرانيين هذا العام بسبب ما قالت أنها "عراقيل سعودية لإيفاد حجاج إيرانيين"، غير أن المملكة العربية السعودية دحضت هذه المزاعم، وأصدرت بياناً توضيحياً حول افتعال إيران العديد من المشاكل والعراقيل لحجاجها خصوصاً وما تقوم به من أعمال تخريبية في الحج في كل موسم من مواسم الحج.
وصعّدت إيران أزمة جديدة من أزمات الحج المتكررة التي تثيرها إيران بين فترة وأخرى. وجاءت هذه الأزمة بسبب المشكلة التي أحدثها الحجاج الإيرانيون العام الماضي في منى وأدت إلى تدافع الحجاج نتج عنها وفاة أكثر من 700 حاج من جنسيات مختلفة.
تصاعدت حدة الأزمة واستثمرتها إيران سياسياً وإعلامياً في عملية تهييج واستثارة عالمية لمحاولة إدانة المملكة في التقصير بما تقدمه من خدمات للحجيج، الأمر الذي ما تزال إيران تنادي به بشكل مستمر لتدويل الإشراف على الحج، وفي سعي حثيث من قبل إيران للسيطرة على الحج والأماكن المقدسة.
تمضي إيران للتهييج الإعلامي والسياسي والدبلوماسي في هذا الجانب، بالتعاون مع حلفاء دوليين لها، بهدف تعميق الكراهية للمملكة وإيجاد نوع من الغضب والسخط في نفوس الشيعة في العالم ومن يواليهم من أصدقائهم وخلق رأي عام مضاد للمملكة تستثمره إيران فيما بعد سياسياً.
وبين فترة وأخرى من الزمن يفتعل الفرس الإيرانيون مشاكل مختلفة في مواسم حج بيت الله الحرام، وتوظيف تلك الأحداث لأغراض سياسية وأيديولوجية.
إذ ليست القضية قضية الحج وأداء مناسكه بالنسبة لإيران بقدر ما هي افتعال مشاكل في الحج لادعاء عجز وفشل المملكة في حماية الحجيج، ومطالبة إيران بالإشراف على المدن الإسلامية المقدسة تهدف من ورائها لمكسب سياسي وسيادي في تزعم العالم الإسلامي والذي لن يكون هذا التزعم – في نظرها- إلا بالسيطرة على الحرمين الشريفين، وهذا ما لا تخفيه إيران عبر خطاباتها الرسمية وخطابات مسؤوليها، بل وصل بها التعنت والشطط حد مطالبتها بنقل الحج والكعبة إلى النجف وكربلاء في العراق.
تتضح هذه الرؤيا من خلال صراع إيران وهاجسها التاريخي في السيطرة على الأماكن المقدسة منذ نشأتها الصفوية في القرن العاشر الهجري.
وخاضت إيران الصفوية، حتى قبل توحيد المملكة العربية السعودية وقيام دولتها، خاضت الصراع مع الدولة العثمانية في هذا الجانب، وقامت بأحداث وافتعال مشاكل مختلفة ومشابهة لما تفعله اليوم في مواسم الحج.

هدفان سياسي واقتصادي:
وتهدف إيران من وراء افتعال هذه الأحداث لهدفين رئيسين؛ سياسي واقتصادي.
فأما الهدف السياسي فإن إيران ترى أنه لا يمكنها تزعم العالم الإسلامي إلا بالسيطرة على الحرمين الشريفين لمكانتهما في قلوب المسلمين جميعاً، ومن يسيطر على الحج يتزعم العالم الإسلامي.
وأما الهدف الاقتصادي فترى إيران أن مواسم الحج تدر الكثير من الدخل المالي الذي يرفد الخزانة بالأموال الجمة من خلال فرض العديد من الرسوم وفروض الجبايات المختلفة منذ زمن بعيد، وكانت تفاوض الدولة العثمانية على ذلك في أوقات مختلفة.
وقد حاولت إيران التعويض عن هذين الهدفين جزئياً باستيلائها على العراق وأماكنها "المقدسة" عند الشيعة، وأقامت "مواسم حج" موازية هناك، إلا أن هذا الجانب لم يشبع نهم إيران لأنها محدودة ومقتصرة على بعض طوائف الشيعة ولا تعم العالم الإسلامي.

الأحداث التاريخية الشيعية في الحج:
وبالنظر لما تقوم به إيران اليوم من افتعال مشاكل مختلفة في مواسم الحج، فإنه ليس جديداً عليها؛ إذ أنها منذ نشأتها كدولة صفوية وحتى ما قبل الصفوية والتمهيد لقيام تلك الدولة وفي أيام الشيعة القرامطة.
• ففي عام 317هـ، زحف القرامطة، وهم فرقة من فرق الشيعة الموالية للفاطميين في مصر، إلى مكة فقتلوا الناس، ودفنوهم في المسجد الحرام وبئر زمزم، بعد أن نزعوا قبته، ونزعوا كسوة الكعبة، وقلعوا الحجر الأسود من مكانه، وحملوه معهم إلى بلادهم في الإحساء من أرض البحرين، ورفضوا إعادته، فظل في حوزتهم إلى أن ردوه في عام 339هـ، أي بعد 22عاماً.
• في عام 413هـ حصل اعتداء آخر على الحجر الأسود قام به مجموعة من عشرة فرسان، استغواهم الحاكم العبيدي في مصر، وكان يقودهم رجل مصري بيده دبوس، قام فضرب وجه الحجر ثلاث ضربات متوالية بالدبوس، وهو يقول: "إلى متى يعبد الحجر الأسود؟ ولا محمد، ولا علي يمنعانني عما أفعله، فإني أريد اليوم أن أهدم هذا البيت وأرفعه. وكان على أبواب المسجد عشرة فرسان لنصرته، فقام إليه رجل يمني فطعنه بخنجر واحتوشه الناس فقتلوه، وقطعوه وأحرقوه بالنار. وأقام الحجر على حاله ذلك يومين، وكان قد تكسر منه ثلاث قطع صغيرة ثم أن بعض بني شيبة جمعوا ما وجدوا مما سقط منه، وعجنوه بالمسك واللادن والعلك وأعادوا لصق تلك القطع.
• أما في عهد الشيعة الإثنى عشرية فقد ظهر أول حدث في الحج وفي الحرمين عموماً أحدثته الشيعة الإثنى عشرية الفارسية في أوائل سنة 716هـ في عهد السلطان المغولي خدابندة الذي اعتنق المذهب الإثنى عشري للتو من إسلامه.
حيث يذكر المؤرخون أن "سلطان المغول حفيد جنكيز خان خدابندة اعتنق المذهب الشيعي الاثنى عشري منذ عهد قريب بتأثير العالم الشيعي المعروف بـ"العلامة الحلي"، فتمكن حميضة (أحد أشراف مكة المعزولين عنها) من التأثير على خدابندة عن طريق تعصبه المذهبي الجديد، وحرضه على أن يرسل معه جيشاً من المغول لاحتلال مكة والخطبة له على منابرها".
كما يذكر المؤرخون أيضاً أن "حميضة زيّن لخدابندة بعد احتلال مكة الذهاب إلى المدينة ونبش قبر الشيخين أبي بكر وعمر وإخراجهما من الحرم النبوي". "وكان خدابندة قبل موته بسبعة أيام أمر بتجهيز جيش من ثلاثة آلاف مقاتل من فارس للزحف إلى المدينة المنورة وإخراج جثماني أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من مدفنهما فعجل الله بهلاكه".
• وفي منتصف القرن الحادي عشر الهجري اتخذ الشاه الصفوي عباس الأول (الكبير) من الصراع بينه وبين العثمانيين ذريعة لافتعال المشاكل حول قضية الحجيج، فـ"حاول الشاه الصفوي عباس الأول أن يقنع الإيرانيين بالتخلي عن الذهاب إلى مكة لأداء فريضة الحج والاكتفاء بزيارة قبر الإمام الثامن علي بن موسى الرضا في مدينة (مشهد)؛ لأن مكة كانت تحت سيطرة العثمانيين، والواجب القومي يحتّم عليهم ألا يسافروا عبر الأراضي العثمانية ويقوموا بدفع رسوم العبور".
ظلت إيران عبر تاريخها تستخدم ملف الحجاج الإيرانيين ورقة لإثارة الصراعات السياسية والطائفية والابتزاز بينها وبين السلطات الإسلامية التي تنظم شؤون الحج حتى ما قبل قيام المملكة العربية السعودية.
• وبعد الشاه عباس الكبير وفي عهد الشاه طهماسب الأول جدد هذا الشاه الجديد افتعال المشاكل حول قضية الحج مع السلطات العثمانية.
وقد جاء في التاريخ الصفوي أنه تم الصلح بين العثمانيين بقيادة السلطان سليمان القانوني والشاه طهماسب الأول في 8 رجب عام 962هـ سمي بصلح "أماسيا" حول كثير من الأمور كان من بينها موضوع الحج والحجيج.
حيث "تناول الصلح الجانب العقائدي الذي سمح فيه العثمانيون للصفويين بالحج إلى العتبات المقدسة [في العراق] وإلى مكة. والمعروف أن سلامة الحجاج الإيرانيين كانت من أسباب النزاع بين الطرفين، نظراً لاتهام الإيرانيين السلطات العثمانية الحاكمة، والسلطات المحلية في العراق، والعشائر العراقية، بابتزاز أموال هؤلاء الحجاج ومعاملتهم معاملة سيئة، مع أن العثمانيين كانوا يعاملونهم معاملة حسنة نظراً للاستفادة المادية التي كانت تغذي الخزينة العثمانية".
• توالت مشاكل الرافضة في الحج وخاصة بعد تعزيز الدولة الصفوية وظهورها دولة قوية تقارع الدولة العثمانية، فتعمد الرافضة الإيرانيون مواصلة هذه المشاكل، حيث يذكر كثير من المؤرخين، ومنهم يحيى بن الحسين القاسمي في اليمن، والدكتور علي الوردي من العراق، أحمد السباعي، وعبدالملك العصامي، أن الشيعة في سنة 1088هـ قاموا بتلطيخ الكعبة وأستارها والحجر الأسود بالقاذورات والنجاسات أثناء الحج، مما أحدث فتنة عظيمة في الحج، إلا أنه تم اكتشاف ستة منهم فأمر الوالي بقتلهم درءاً للفتنة.
ويذكر المؤرخون كذلك "أنه أشيع عند الشيعة الإثنى عشرية أنه لا يتم حجهم في مذهبهم إلا إذا لوثوا الكعبة بالنجاسة".
• وكرر الشيعة الرافضة حادثة التلطيخ سنة 1143هـ بنفس الأفعال من تلطيخ الكعبة بالقاذورات، فخرج الفقهاء بانتزاع أمر منعهم من الحج من الوزير التركي في ذلك الموسم، إلا أن شريف مكة في ذلك العهد محمد بن عبدالله ألقى القبض على مفتعلي الفتنة وأعاد الشيعة إلى مكة للحج بعد أن هدأت الفتنة.
• وفي عام 1942 تكررت حادثة تلويث الكعبة بالنجاسات من قبل رجل إيراني اسمه سيد أبو طالب اليزدي، وقد صدر الحكم عليه بالإعدام فأعدم بين الصفا والمروة على مرأى ومشهد من الناس.
• عند احتلال الحرم المكي من قبل جهيمان نهاية عام 1979، إستغلت إيران الحادثة لأغراضها السياسية والأيديولوجية، بما لا يخلو من مكر سياسي، حيث صرح الخميني من إيران بأن الولايات المتحدة الأمريكية تقف وراء هذه الحادثة. كان المكر السياسي الخميني الإيراني هو إظهار الأمر كما لو أنه تدخل أمريكي في تلك الأحداث لغمز المملكة العربية السعودية في الاستعانة بغير المسلمين في أحداث الحرم وتأليب المسلمين عليها.
وقد تسببت تلك المزاعم في سريان حالة من الغليان في المنطقة. الجموع الغاضبة اقتحمت مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الباكستانية إسلام آباد في اليوم التالي لبدء العملية وحطمته تماماً ثم أحرقته، وفى 2 ديسمبر 1979 أحرق متظاهرون ليبيون مبنى السفارة الأمريكية في العاصمة الليبية.
• في عام 1987م - 1407هـ، قام الحجاج الإيرانيون بأحداث شغب وتخريب ووصل بهم الأمر حد قتل بعض الحجاج وقتلهم بالسواطير، وقاموا بإحراق بعض السيارات ومحاولة إحراق بعض العمارات السكنية والتجارية قرب الحرم، كما حاولوا اقتحام الحرم المكي الشريف، ونادوا بمبايعة الخميني "إماماً للمسلمين".
رافق هذه الأعمال التخريبية محاولة إدخال متفجرات وكميات كبيرة من المخدرات – بحسب روايات السلطات الأمنية- إلا أن السلطات الأمنية اكتشفت الأمر قبل حدوثه، وأحبطت أعمال الشغب والتخريب.
ونتيجة لهذه المظاهرات وأعمال التخريب والشغب الإيرانية، وتدخل الأمن السعودي لفضها، راح ضحية هذه المواجهات 402 شخص من الإيرانيين، وقوات الأمن، والحجاج الآخرين، كما أصيب 649 آخرون.
ولأول مرة يعلن الإيرانيون حجاجاً وسياسيين أهدافهم الخاصة من وراء تلك الأعمال وهي مبايعة الخميني "إماماً للمسلمين".
• في موسم الحج لسنة 1409هـ - 1989م كشفت السلطات الأمنية السعودية عن عصابة تخريبية مكونة من 20 حاجاً كويتياً نسقوا مع السفارة الإيرانية في الكويت للقيام بأعمال تفجيرية في الأماكن المقدسة بمكة. حيث حدث انفجاران؛ الأول في أحد الطرق المؤدية للحرم المكي والآخر فوق الجسر المجاور للحرم المكي، ونتج عن ذلك وفاة شخص واحد وإصابة ستة عشر آخرين.
وذكرت الرواية الرسمية للمملكة أن المتهمين تلقوا تعليمات من قبل محمد باقر المهري وبالتنسيق مع دبلوماسيين إيرانيين في السفارة الإيرانية لتدبير تلك التفجيرات، وقاموا باستلام متفجرات من نوع حربي (تي إن تي) من الباب الخلفي للسفارة الإيرانية بالكويت، ثم نقلها إلى داخل السعودية حيث قاموا بزرعها وتفجيرها.
• في عام 1430هـ - 2009م أوعزت إيران إلى جناحها الحوثي في اليمن بافتعال صدامات مع السعودية قبل موسم حج عام 1430هـ، حيث حاول بعض المجموعات الصغيرة التابعة لجماعة الحوثي التسلل للحدود السعودية متخفين بملابس نسائية وباكستانية؛ بقصد خداع رجال الأمن السعودي في نقاط التفتيش لعدم تنفيذ الإجراءات الأمنية على النساء كما تطبق على الرجال على خلفية اعتبارات اجتماعية، وبالتالي الدخول إلى مخيمات الإيواء التي أقامتها السلطات السعودية باعتبارهم نازحين يبحثون عن الأمان وتشكيل خلايا إرهابية لخدمة إيران.
• في عام 1432هـ حول الحجاج الإيرانيون بعثتهم في الحج إلى أشبه بمظاهرة عامة وأخذوا يرددون شعارات وهتافات "لبيك ياحسين"، ولم تكن تلك الشعارات إلا في إطار عمليات استفزازية في الحج يحدثونها كل عام وبهدف ما يسمونه "تصدير الثورة الإيرانية" إلى قلب المشاعر المقدسة.
• وفي كل عام من مواسم الحج – تقريباً- تحاول إيران افتعال تلك المشاكل وتحول حجاجها إلى مظاهرات صاخبة في الحرمين المكي والنبوي كما حدث في عامي 1402هـ و 1433هـ ورفع صور الخميني فيهما.
• قبل عامين دعا نوري المالكي، رئيس وزراء العراق، إلى تحويل القبلة إلى كربلاء في العراق، كما دعى إلى نقل الكعبة إليها، كواحدة من الهرطقات الشيعية التي لا يتقبلها عقل ولا منطق ولا تشريع؛ إذ أن الحج ومكانه ليس مجرد بناية تنقل أو شعائر تقام هنا وهناك، بل هو مكان اختاره الله للمؤمنين منذ بداية الخليقة قبل أن توجد إيران أو العراق ذاتها، وقبل أن يكون هناك شيء اسمه شيعة.

هل ستقف إيران عند حدود ما جرى؟!
في كل عام وموسم حج تستبق إيران موسم الحج بالدعوة رسمياً إلى تدويل المسؤولية عن شعائر الحج وعدم تركها للسعودية وحدها، على اعتبار أن المهمة أكبر من أن تترك لدولة واحدة مهما كانت خبراتها في هذا المجال ومهما أنفقت من أموال على الاستعدادات الخاصة بموسم الحج عاماً بعد عام.
ومن خلال هذا السرد التاريخي لافتعال الصفويين الشيعة مشاكل في الحرمين الشريفين بات من المعروف أهداف إيران وما ترمي إليه من محاولة السعي الحثيث للوصول إلى السيطرة على الحرمين الشريفين ويبدو أن هذه الأهداف استراتيجية لديها لن تتوانى عن تحقيقها.
من هنا يأتي دعم إيران لخلق أذرع مسلحة لها في المنطقة وقد بدأت جنوباً في إيجاد المسلحين الحوثيين الذين جاهروا بالأهداف الإيرانية في الحج ورفعوا أصواتهم عالياً بعد انقلابهم على الشرعية في اليمن وبعد حادثة تدافع الحجاج في منى العام الماضي، وصرحوا بما صرحت به إيران من "أن السلطات السعودية عجزت عن توفير الأمن والحماية للحجاج وفشلها في إدارة الحج...".
بعد انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية في اليمن صرحوا بأنهم "سيحجون العام القادم بأسلحتهم في مكة..".
بينما في الداخل السعودي تمضي إيران إلى خلق ذراع عسكرية أخرى في شرق المملكة يوازي الذراع الحوثية في جنوبها، حيث بدأت تنمو دعوات في أوساط شيعية لتقليد الحوثيين، وبرز مؤخراً في هذا الجانب الداعية الشيعي نمر حماد النمر وقام بالتحريض على الأعمال الإرهابية والإخلال بالأمن داخل السعودية، ما حدا بالمملكة إلى تطويق الأمر منذ بدايته فقدمت الرجل للمحاكمة وتنفيذ فيه حكم الإعدام، الأمر الذي ضجت معه السياسة الإيرانية ووسائل الشيعة الإعلامية في إيران والعراق والحوثيين في اليمن.
وفي إطار استعداداتها لهذا الغرض والسيطرة على المنطقة العربية في الجزيرة والخليج فقد قامت بالعمل على إنشاء "حرس ثوري" آخر رديف للحرس الثوري الإيراني مهمته السيطرة على المنطقة العربية خارج إيران، ويتكون هذا الحرس الثوري الجديد من مليشيات حوثية وحشد شعبي عراقي ومن مناطق أخرى من شيعة أفغانستان وباكستان وسوريين، كما أعلن ذلك ما يسمى قائد القوة البحرية في الحرس الثوري الإيراني، الفريق أول علي فدوي، قبل أيام، والعمل على إنشاء ألوية للتدخل السريع في جزر الخليج العربي، تتكون من مقاتلين إيرانيين وآخرين من دول أخرى ومن قوات "محور المقاومة" على حد وصفه..
وجاء العمل على إنشاء هذه القوات قبل تفجير أزمة الحج مجدداً وبعد أشهر من انطلاق عاصفة الحزم في اليمن.

*إعلامي وباحث تاريخي